شبكة ومنتديات زاد المسافر / زاد المسافر للدول العربية / زاد الـمـسـافـر الى لـبـنـان

إضافة رد
29 / 09 / 2008, 26 : 04 AM
رقم المشاركة :  1 
][::.. درجة سياحية ..::][



الملف الشخصي
تاريخ التسجيل : 22 / 05 / 2008
رقم العضوية : 1566
الإقامة : حفر الباطن
المشاركات : 164
التقارير : 1
الحالة : نكتار غير متواجد حالياً
عجائب لبنان السبع (6) جبيل أو «بيبلوس»... مدينة حديثة قالبها قديم





جبيل مدينة حديثة قالبها قديم

بيروت- من جوني طانيوس |

يتميز لبنان بالعديد من المظاهر الحضارية والتراثية، تلك التي يقصدها السائحون، في رحلاتهم المنظمة إليه، هذه المظاهر موجودة منذ سنوات طويلة مضت، وتشير إلى المكانة التاريخية للبنان عبر عصور طويلة مضت.
ورغم ان لبنان عرف من خلال تاريخه الحديث، والذي تبدو فيه الثقافة والفن أكثر حضورا، بالاضافة إلى الأحداث التاريخية المتعاقبة، تلك التي مازال لبنان يعيش تحت وطأتها.
وبعيدا عن الأحداث السياسية سنأخذ القارئ الكريم في رحلة تاريخية عبر آثار ومشاهد وأبنية ومغارات لبنان كي يتعرف على الوجه التاريخي الاخر من هذا البلد، وذلك عبر فصول «عجائب لبنان السبع».

جبيل اليوم مدينة مزدهرة تعجّ شوارعها بالمارة وترتفع فيها الأبنية الحديثة الشاهقة. غير أن أحياءها القديمة، لا تزال تضج بمعالم تاريخها الوسيط وبذكريات تاريخها القديم الذي يرقى إلى العصر الحجري الحديث، وهي ذكريات أبرزتها الحفريات الأثرية إلى حدّ باتت معه جبيل من أشهر المواقع الأثرية في المنطقة على الإطلاق.
جبيل بلدة لبنانية ساحلية تقع على بعد 37 كيلومتراً إلى الشمال من بيروت، وتعتبر من أقدم المدن في العالم ومن بين المواقع القليلة التي استمرّ عمرها منذ إنشائها حتى اليوم. أظهرت الحفريات الأثرية التي أجريت فيها أن بداياتها تعود إلى أواخر الألف السادسة قبل الميلاد.
عُرفت جبيل في العصور القديمة باسم «جُبلا» و«جبل» فيما كان يُطلق على المنطقة الساحلية التي تقوم فيها اسم «كنعان»، غير أن الإغريق في الألف الأولى ق.م.، ومن بعدهم الرومان، أطلقوا على الساحل اسم «فينيقيا» كما أطلقوا على المدينة اسم «بيبلوس». ويبدو أنهم اشتقوا هذه التسمية الجديدة من الكلمة التي كانت تعني في لغتهم «البردي»، نظراً لارتباط جبيل بتجارة البردي المستورد من مصر.
قالب قديم
مدينة حديثة بقالب قديم! تلك حال جبيل اليوم حيث يمتزج التراث بالحداثة في أزقتها القديمة، وحيث المرفأ القديم والقلعة والكنائس المعقودة تتجاور والأبنية ذات الواجهات الزجاجيّة.
للتعرف على ماضي جبيل، يجب الصعود إلى قمة القلعة أو المشي على دروب سلكها الكثيرون، لتأمل ما خلفته فيها القرون الماضية. وفي جبيل متحف الشمع فيه مشاهد الحياة اللبنانية الريفية. غير أن جبيل لا تكتفي بهذا وحسب، ففيها المطاعم والمقاهي والفنادق والمحال التجاريّة، لا سيما منها تلك المعدّة لبيع التذكارات. أما خارج حدود البلدة فهناك عدد من العمائر ومنها بنوع خاص بعض الكنائس والأديرة المحفورة في الصخور الواقعة إلى الشرق من جبيل ومن بينها مار نهرا ومار سمعان العمودي.
إلى الشمال من جبيل، تقع بلدة ساحليّة هي عمشيت، وفيها مركز معدّ لاستقبال المخيمين، وهي مشهورة بشواطئها وبيوتها المبنيّة على الطراز المعماري اللبناني التقليدي، كما أنها مشهورة لاستضافتها العالم الفرنسي ارنست رينان الذي كان أوّل من نقّب عن آثار جبيل في القرن التاسع عشر، ولكونها تحتضن مدفن شقيقته هنريات رينان.
وعلى بُعد ستة كيلومترات إلى الجنوب من جبيل، يقع مصب نهر ابراهيم، وهو النهر الذي عُرف في الماضي باسم نهر «أدونيس»، ويجري هذا النهر في وادٍ لا يزال يحتفظ ببعض من مزايا طبيعة لبنان البريّة. أما الطريق التي تسير بمحاذاة الوادي، فهي تفضي إلى مغارة أفقا الشهيرة التي يخرج منها النهر والتي تقع في مواجهتها بقايا معبد شهير أقيم في العصر الروماني تكريماً لعشتروت.
أثريات مع مرور الزمن، أخذت الطبقات السكنية المتعاقبة في موقع جبيل تتحول إلى تلّ ترابي بلغ ارتفاعه نحو 12 متراً وقد أقيمت فوقه المنازل وانتشرت في ارجائه البساتين. وفي العام 1860 زار العالم الفرنسي ارنست رينان موقع جبيل وأجرى فيه بعض الاستكشافات والحفريات المحدودة. غير أن البحث الجدي عن آثار المدينة لم يجر. إلا في نهاية الحرب العالميّة الأولى، عندما قام عالم العاديّات المصريّة بيار مونتيه بين العامين 1921-1924 بإجراء حفريات واسعة مكّنته من ابراز التواصل الحضاري بين جبيل ومصر الفرعونيّة. وفي العام 1925 تسلم ادارة الحفريات في الموقع، الأثريّ الفرنسي موريس دينان، وبقي يعمل فيه لحساب المديريّة العامة للآثار اللبنانية حتى العام 1975 بحيث تمكّن من نفض الغبار عن الجزء الأكبر من تاريخه وآثاره.
جولة تاريخية
قبل نحو 7000 سنة، أي في غضون العصر الحجري الحديث، أنشأت جماعات من الصيادين مُستقراً لها على شاطئ المتوسط، فكان هذا المُستقر بمثابة القرية البدائية التي أصبحت في ما بعد جبيل. وقد كشفت الحفريات عن بقايا هذه القرية التي تتمثل بأكواخ ذات حجرة واحدة رُصفت أرضيتها ببلاط من الكلس. وقد عُثر في هذه الأكواخ على عدد من الأدوات والأسلحة الظرّانية التي تعود إلى تلك الحقبة.
واستمر نمط العيش هذا في أثناء الحقبة التالية، أي في الألف الرابعة ق.م.، التي عرف الإنسان فيها طرق النحاس إلى جانب أدواته الحجرية، وهي الفترة التي يُطلق عليها اسم «العصر الإنيوليتي». بيد أن الحفريات أظهرت نمطاً جديداً من العادات الجنائزية تمثلت بدفن الموتى مع بعض متاعهم في جرار كبيرة.
وما ان حلت بدايات الألف الثالثة ق.م.، حتى شهدت جبيل ازدهاراً كبيراً بفضل تجارة الأخشاب التي كانت تصدرها إلى أنحاء المتوسط الشرقي، لا سيما إلى مصر، حيث كان المصريون يفتقرون الى الخشب اللازم لبناء سفنهم ومعابدهم ولضرورات طقوسهم الجنائزية. وكانت جبيل تحصل مقابل أخشابها على الأواني والحلي المصرية المصنوعة من الذهب والمرمر، بالإضافة إلى لفائف البردي ونسيج الكتان.
ما لبثت فترة الازدهار تلك أن انحسرت في نهايات الألف الثالث ق.م، وتعرّضت جبيل إلى الغزو والاحراق من قبل بعض القبائل الأموريّة. وما أن تخلى الوافدون الجدد عن بداوتهم واستقروا، حتى أعادوا إعمار المدينة كما أعادوا التواصل التجاري مع مصر إلى سابق عهده. وجدير بالذكر أن مدافن جبيل الملكيّة التي أبرزت الحفريات مدى ثرائها تعود بمجملها إلى تلك الفترة، ما يُشير إلى الازدهار الذي حققته جبيل في ظلّ الحكم الأموري. وما أن أشرف الألف الثاني على الانتهاء حتى اجتاحت المتوسط الشرقي جماعات غريبة يطلق عليها المؤرخون اسم «شعوب البحر»، فاستقرت أعداد منها على سواحل بلاد كنعان الجنوبية، ويبدو أن الوافدين الجدد كانوا في أساس نشر المعارف البحريّة والملاحة بين شعوب المنطقة التي أطلق عليها في ما بعد اسم فينيقيا.
ثورة في مجال التدوين
كان كتبة جبيل في تلك الأثناء قد توصلوا إلى اختراع نمط جديد في الكتابة من خلال اعتماد رمز لكل صوت من الأصوات، مستبعدين الأسلوب المقطعيّ والرموز المسمارية أو الهيروغليفية التقليدية، فكانت أبجديتهم الصوتية النسخيّة بمثابة ثورة في مجال التدوين، لا سيما بعد أن أخذها عنهم الإغريق ومن بعدهم الرومان، فأصبحت بالتالي أساساً لجميع الأبجديات المعاصرة. ومن بين أقدم النصوص التي اعتُمدت في كتابتها الأبجدية الفينيقية الكتابة المرموقة على ناووس أحيرام، ملك جبيل، الذي يُعتبر بحق جوهرة المتحف الوطني في بيروت.
في غضون الألف الأول ق.م، وعلى الرغم من الاجتياحات المتكررة التي شهدها الساحل الفينيقي على أيدي الأشوريين والبابليين والفرس، ظلت تجارة جبيل تؤمن لأهلها نوعاً من الاستقرار والازدهار. وقد عُثر في حفريات المدينة على بقايا تعود إلى تلك الحقبة. بيد أن أبرز هذه البقايا على الإطلاق القلعة الفارسيّة (550-330 ق.م.) التي ما تزال جدرانها منتصبة إلى جانب السور القديم، ما يُشير إلى الدور الذي لعبته جبيل على خريطة النظام الدفاعي الفارسي في المتوسط الشرقي.
على أثر فتوحات الإسكندر الأكبر، وفي أثناء الفترة المتأغرقة التي تلتها (330-64 ق.م)، تأغرقت جبيل كما تأغرقت سائر مدن المنطقة، وأصبحت اللغة والثقافة الإغريقيتان مُثلاً تحتذي بها طبقات المجتمع العليا، وذلك حتى ما بعد سيطرة الرومان عليها.
وفي أواسط القرن الأول ق.م، احتلّ الرومان سواحل فينيقيا بقيادة «بومبيوس»، واستمرّوا في حكم البلاد فترة تزيد على أربعة قرون ونصف القرن (64 ق.م. ـ395 ب.م.) وقد ازدانت جبيل في أيامهم بالمعابد والحمامات وسائر البُنى المدُنية كما شُقت فيها الشوارع ذات الأروقة.
أما من الفترة البيزنطيّة (395-637)، فلم يبقَ في جبيل أثرٌ يُذكر. وقد يعود السبب في ذلك إلى استعمال أبنية تلك الفترة كمقالع لاستخراج الحجارة المقصوبة التي استُعملت في إنشاء عمائر الفترات اللاحقة.
وفي العصر العربي، بُعيد العام 637 كانت جبيل قد أصبحت مدينة صغيرة هادئة وقد أخذت أهميتها تتضاءل حتى بداية القرن الثاني عشر، عندما سقطت في أيدي الصليبيين. فقد احتلها هؤلاء في العام 1104 وحوّلوها في العام 1109 إلى إقطاع وراثي تابع لكونتيّة طرابلس، عهدوا به إلى أسرة «أمبرياتشي» الجنويّة. وفي تلك الفترة أقيمت في جبيل قلعتها المشهورة التي تمّ بناؤها بحجارة ومواد تمّ اقتلاعها من عمائر المدينة العائدة إلى العصور السابقة.
أما في عهد المماليك والعثمانيين، فقد ضمُر شأن جبيل وتحوّلت الى قرية صغيرة شبه خالية من السكان يكسو الغبار والتراب عمائرها القديمة.



يقصدها الزائرون (تصوير جوزف نخلة)


حوائط أثرية
02 / 10 / 2008, 36 : 12 PM
رقم المشاركة :  2 
( خبير لبنــــــان )



الملف الشخصي
تاريخ التسجيل : 26 / 06 / 2007
رقم العضوية : 77
الإقامة : بلاد الحرمين الشريفين
المشاركات : 540
التقارير : 3
الحالة : عاشق بيروت غير متواجد حالياً
رد: عجائب لبنان السبع (6) جبيل أو «بيبلوس»... مدينة حديثة قالبها قديم

بالنسبة لي فإن أي رحلة إلى لبنان لا تشتمل على زيارة جبيل فهي ناقصة ..
جبيل إحدى درر لبنان المدفونة للأسف حيث لم تحظ بالدعاية المطلوبة .. ومع ذلك فهي تبقى من أهم الوجوه السياحية في لبنان..
شكراً لك أخي نكتار على تميز أطروحاتك..
02 / 10 / 2008, 12 : 07 PM
رقم المشاركة :  3 
][::.. درجة سياحية ..::][



الملف الشخصي
تاريخ التسجيل : 22 / 05 / 2008
رقم العضوية : 1566
الإقامة : حفر الباطن
المشاركات : 164
التقارير : 1
الحالة : نكتار غير متواجد حالياً
رد: عجائب لبنان السبع (6) جبيل أو «بيبلوس»... مدينة حديثة قالبها قديم

اقتباس: المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عاشق بيروت
بالنسبة لي فإن أي رحلة إلى لبنان لا تشتمل على زيارة جبيل فهي ناقصة ..
جبيل إحدى درر لبنان المدفونة للأسف حيث لم تحظ بالدعاية المطلوبة .. ومع ذلك فهي تبقى من أهم الوجوه السياحية في لبنان..
شكراً لك أخي نكتار على تميز أطروحاتك..

أسعدني مرورك أخي العاشق

وآمل أن تلتقي بعشيقتك قريبًا :109:
إضافة رد

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى الردود آخر مشاركة
[أماكن سياحية] عجائب لبنان السبع (2) غابة أرز تفاخر... بشموخها نكتار زاد الـمـسـافـر الى لـبـنـان 9 10 / 03 / 2009 09 : 12 AM
[أماكن سياحية] عجائب لبنان السبع (7) صيدا عاصمة الجنوب اللبناني ... عراقة التاريخ نكتار زاد الـمـسـافـر الى لـبـنـان 4 10 / 03 / 2009 07 : 12 AM
[أماكن سياحية] عجائب لبنان السبع (5) عنجر ... محطة تجارية لم تعش طويلاً نكتار زاد الـمـسـافـر الى لـبـنـان 3 06 / 10 / 2008 51 : 03 PM
[أماكن سياحية] عجائب لبنان السبع (3) قلعة بعلبك نجمة في مدينة الشمس نكتار زاد الـمـسـافـر الى لـبـنـان 2 28 / 09 / 2008 41 : 05 PM
[أماكن سياحية] عجائب لبنان السبع (4) صور... ملكة البحار وأم المدن الفينيقية نكتار زاد الـمـسـافـر الى لـبـنـان 4 28 / 09 / 2008 36 : 05 PM


المواضيع ، تعبر عن رأي كاتبها ويتحمل مسؤوليتها فقط ، ولا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة ومنتديات زاد المسافر .