السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قبل الاستمرار في سرد التقرير.. هناك بعض المعلومات التي تهم الإخوة السياح، أخص منهم العرب، وأخص أكثر من هؤلاء، الإخوة الخليجيين، ولعل أكثر المستفيدين من هذه المعلومات هم أهل البحرين، لقلة ما يسافر أبناء
البحرين
إلى هذه الولاية.
السفر إلى الهند الهند، بلاد العجائب كما يسميها الرحالة القدامى، وهي حقا كذلك، والسفر إليها فيه من المتعة والفائدة ما فيه، والسفر بعمومه كذلك كما يقول الإمام الشافعي رحمه الله تعالى:
تَغَرَّبْ عَن الأَوْطَانِ في طَلَبِ الْعُلُى *** وَسَافِرْ فَفِي الأَسْفَارِ خَمْسُ فَوَائِدِ
تَفَرُّجُ هَمٍّ، وَاكْتِسابُ مَعِيشَةٍ *** وَعِلْمٌ، وَآدَابٌ، وَصُحْبَة مَاجِد
السفر إلى الهند دون غيره من الأسفار، مهما يكن جديدا علينا، فإنه سهل علينا أن نتكيف معه، لكثرة الوافدين من بلاد الهند إلى بلادنا، ولكثرة تعاملنا معهم، وبذلك فإننا نجد هناك من التعامل اليسير ما لا نجده في سائر الأقطار والأمصار.
الشعب الهندي، وخاصة شعب كيرلا، شعب طيب خلوق، بسّام هشّاش بشّاش، يلقي التحية في المعرفة وفي الجهل، مرحاب معطاء رغم الفقر، خدوم بما تحويه الكلمة من معنى، عزيزة نفسهم جداً، لا تجد متسولا إلى ما ندر، لا يرد الهدية ولا يسأل العطية.
سفري إلى كيرلا كان فرصة لي لمراجعة نفسي حقا، والتفكير في وضع ذلك الشعب هنا، في بلادنا، لا يستحق الشعب الهندي ما يلقاه في بعض بلادنا من سوء معاملة وامتهان كرامة، إنهم يكرمون زائرهم أشد الإكرام رغم الفقر والحاجة، فكيف قابلنا ذلك نحن، هنا في بلاد الكرم والعطاء والخيرات؟
هذه الصور من الرحلة الماضية في 2010


ومضة:
في يوم غزير المطر، وقفت منتظرا دوري للدخول إلى مطار كوتشين، مغادرا ذلك البلد الطيب، وفي زحمة الناس والأحداث، لفت انتباهي مشهد وجداني لا أخالني أنساه يوما، شاب هندي وزوجته وابنتهما، يغادران كوتشين إلى دبي حيث يعمل، ووالدته العجوز، في السبعينيات من العمر، وقفت باكية تحتضنهم تارة، ثم تشيح بوجهها وتمسح دموعها، وهو يقبل رأسها مبتسما، تلوّح من بعيد، ولا تعلم نفسها ما يخبئ لها القدر، أتلقاهم من بعد الغياب؟ أم يختار الله أمرا كان مفعولا؟
هذا المشهد، يجعلنا ندرك أن الحاجة التي ألمّت بهذا الشعب حتى طاف العالم كله بحثا عن لقمة العيش، الحاجة، هي الدافع الذي تغرب بسببه هؤلاء، وإلا ما تركوا جنتهم إلى غيرها، جاؤوا إلى بلادنا للعمل بأبخس الأجور، وفي أقسى الظروف، واخترنا نحن الراحة والأعمال المريحة لتكون تنمية بلادنا على أيديهم هم، أفلا يستحقون منا طيب الكلام والشكر؟
ما أروع أن يعود ذلك الشاب إلى وطنه، فتحتضنه أمه من جديد سعيدة بعودته، فيحكي لها عن كرم أهل الخليج وطيب استقبالهم له، فترفع كفيها داعية لنا، نعم، لنا نحن، أولسنا أهل الخليج الذين فتحنا أبواب بلادنا لهم؟ فإن أكرمناهم وقدمنا لهم جزيل الشكر الذي يستحقون، فإننا نستحق عندئذ منهم الدعاء والتقدير، وأما إن كنا غير ذلك، فإن الدنيا تدور، وربما وجد المظلوم منهم يوما يتشفى فيه من ظالمه، ناهيك عن دعوة المظلوم التي لا يحبسها عن الله حجاب.
أطلت عليكم وما كنت أرجو ذلك، الجزء القادم لن يتأخر بإذن الله، سأبدأ بإعداده فوراً
وللحديث بقية حول الاستعداد للسفر وما يتطلبه ذلك
وهذه بعض الصور من الرحلة، حتى لا يكون التقرير مملاً :14b2a:
الأكل الهندي، طيب المذاق، وفن التقديم

الشاي الهندي، سحر في حد ذاته

فواكه موسمية، في مريديان كوتشين

موسم المانجو، لا تحرم نفسك متعتها

شاي بالزعفران الكشميري

انتظروني فلا يزال هناك المزيد
