فى الصباح انطلقنا من فندق كوزموس و يحدنا الشوق لاستكشاف موسكو .
و برنامج اليوم جوله سياحيه نجوب فيها موسكو طولاً و عرضاً .
فكانت البدايه الى القلب الى اهم معلم من معالمها الى الميدان الأحمر
الذى اذا ذكرت موسكو ذكر الميدان الأحمر
و هو فعلاً في وسط خريطة العاصمه موسكو .
و قد وقف الرئيس الأمريكى رونالد ريجان عند زيارته لموسكو
في وسط الميدان الأحمر منبهراً فصاح قائلاً :
" أنه أجمل ميدان في العالم " .
وصلنا اليه بعد اختراق السياره شوارع العاصمه أكثر من ساعه الا ربع , و عندما لاح الميدان من بعيد قلت منبهراً اوه !! أخيراً نحن في موسكو .
في ساحه واسعه خلف المكتبه التاريخيه نزلنا من سيارتنا بجوار العديد من الأتوبيسات السياحيه لسياح من جميع انحاء العالم خلف المكتبه التاريخيه
عند مبنى الدوم ( الكونجرس الروسى )
ولو تعدينا المكتبه لدلفنا الى الميدان الاحمر حيث كاتدرائية باسيلي
و اذا نظرت اليها بهرتك
و تذكرك على التو و اللحظه بجو السحر و المغامره و العجائب
و الأساطير جو الف ليله و ليله و سندباد ...
لها قباب بصلية الشكل كل قبه مزخرفه و ملونه بأشكال هندسيه بديعه
و بألوان جذابه و هى شعار موسكو و غالبا ما تجده على الملصقات و السيارات ..وهل تصدق ان نابليون بونابرت عندما غزا موسكو
رغب فى نقلها الى باريس , ولما كان ذلك محالاً اراد تدميرها
كما حاول تدمير تمثال ابو الهول فى مصر
عند ما غزاها فى عام 1798
ولكن سلمت الكاتدرائيه من شره .
ولكن فى عهد ستالين الجبار رغب فى نسفها ليتسع الميدان
للعروض العسكريه
لكن جاء مايلهيه عن تنفيذ هذه الفكره
فحفظت من الدمار مهى تزين الميدان الاحمر الان ..
وانك للتعجب وانت فى وسط الميدان .
ايما اجمل ؟ !!!
سور الكرملين وابراجه .
برج الساعه ورناته .
المكتبه التاريخيه الفاتنه المعمار.
ام كاتدرائية باسيلى الرائعة الجمال .
ام الجوم ساحر الشكل والتشيد .
.نزلنا من السياره و خطونا خطوات قليله لنصل الى قلب الميدان الاحمر
فعلى يمينى المكتبه التاريخيه وعلى يسارى الكاتدرائيه من امامى سور الكرملين والمبنى الهرمى لجثمان لينين ومن خلفى الجوم ( المتجر(
فىقلب الميدان وقفت ، وعند سور الكرملين طوابير
السياح الذين يودون فى القاء نظره على لينين .
كان الميدان فى زيارتى السابقه لموسكو عام 2003 مخصص
فقط للزياره صباحاً وحتى الثانيه ظهراً اما الان فتتجول فى الميدان براحتك
ويفصلك عن زائرى الجثمان حواجز من السلاسل وبعض العسكر .
جثة لينين المحنطه اذا زرته تراه و كأنه نائم
. وقفت امام الحواجز ف و عن يسارى ساعة البرج الشهيره
احدى رموز موسكو و دقاتها الخلابه و هى دقات راديو موسكو .
و على مرمى البصر تقع المكتبه التاريخيه في نهاية الميدان و الجوم "
أكبر متاجر روسيا " على اليمين.
برج الساعه على سور الكريملين يعرف ببرج سباسكى " أى المنقذ "
و هو رمزا شهيرا لموسكو ينافس كاتدرائية باسيلى.
و يرجع تاريخه الى عام 1491 و قد كان مخصصا
لمرور القيصر و السفراء الأجانب و كان محرماً المرور
تحته الا بعد خلع القبعات و أغطية الرؤوس حتى
لو كانت الحراره 30 تحت الصفر كما يحدث في شتاءات موسكو القاسيه .
و في هذا البرج توضع ساعات الكريملين الأربعه الشهيره
التى يصنع دقاتها عشرة اجراس هائله تشغل ثلاثه من طوابق البرج العشره .
و يبلغ قطر كل من الساعات الأربع 6.12 متر.
و طول كل رقم على مينائها قرابة ثلاثة ارباع المتر.
بينما طول عقرب الساعات 2.17 متر .
و عقرب الدقائق 3.27 متر.
و يبلغ وزن الساعه نفسها 25 طنا ً .
. و قد اعاد لينين ترميم البرج بساعاته الأربعه عام 1918
بعد التدمير الذى لحق به اثناء الحروب البلشفيه على الكريميلين ...
و لهذه الساعه العملاقه رنين خلاب و عميق يميز
دقات الساعه من راديو موسكو.
اما النجمه الياقوتيه الحمراء الخماسيه التى تتلألأ ليلاً و نهاراً فوق البرج الذى يرتفع 71 مترا فإن من امر بوضعها على قمة البرج
هو جوزيف ستالين 1935.
و تاريخ الميدان يرجع الى القرن الـ 15 حيث كان
سوقاُ كبيراً تصب فيه الشوارع الآتيه من مدن الجوار الروسيه
و فى القرن الـ 17 اكتسب الميدان اسمه من معنى كلمة " كراسنى "
و تعنى البهيج او " الجميل "
و في نهاية أكتوبر 1917 بدايات القرن الـ 20 جرت معارك طاحنه
بين البلاشفه و حرس القيصر سالت فيها الدماء غزيره
حتى غطت البلاطات الداكنه التى تصف الميدان
فصار احمراً , و صارت كلمة " كراسنى " تدل على اللون الأحمر .
فاختلط وصف الجمال و البهجه بوصف الدم في الميدان الأحمر !!
فمن يعرف موسكو يعرف كل روسيا و من يعرف الميدان الأحمر يعرف أحوال موسكو بل روسيا كلها .
احداث روسيا السوفيتيه انطلقت من هذا الميدان , و تقام فيه و لا تزال أعظم الإحتفالات الروسيه و خاصه عيد العمال . فساحة الميدان الأحمر تشعرك بالعملقه التى كانت عليها روسيا منذ وقت قريب , و لو أرادت روسيا أن تعد إلى قوتها و ليس الى أيديولوجيتها الشيوعيه , ستكون الإنطلاقه لهذا الشعب من هذا الميدان ايضاً ...
( فموسكو هى الميدان الأحمر و الميدان الأحمر موسكو ).
و هذا يذكرنى بمستر( عبد الحفيظ ) مرشدى السياحى الهندى الأسمر الضخم الجسم على عكس الهنود عندما أصطحبنى في صبيحة يوم لزيارة تاج محل بمدينة أجرا ...
قائلاً لى : حضر بطاريتك و أفلامك و بطاريتك و ذهنك و استعد لتاج محل ...
فالهند تاج محل و تاج محل الهند .
فإذا زرت روسيا و لم ترى الميدان الأحمر فأنت لم ترى روسيا ... لأن المدن تتشابه الى حد ما , و عبق المكان و التاريخ و الماضى هو الذى يضفى الروح الى المكان .. فالميدان الأحمر هو الخلفيه السائده لكل مراسلين التلفزيون في العالم أجمع .
الرئيس الروسى بوتين احتفل مع رؤساء العالم بمرور نصف قرن على نهاية الحرب العالميه الثانيه في الميدان الأحمر و ذلك في شهر مارس منذ سنوات قليله فى عصر بوش الابن الذى حضر الاحتفال مع لفيف من زعماء العالم بمناسبه ذكرى الحرب العالميه الثانيه , و موسكو فى هذا الشهر ( مارس )
تتساقط عليها الأمطار بغزاره بعد أن تتكسر صفحات الثلج في الأنهار, و المشكله التى واجهت الروس كيف يجلس رؤساء العالم بمن فيهم الرئيس الأمريكى جورج بوش الثانى و تسقط عليهم الأمطار بغزاره فتضيع بهجة الإحتفال و ما به من استعراضات ... هذه المشكله حلها الروس بكل بساطه ...
فقد وعد بوتين الزعماء بجو صحو خالى من الأمطار
و ذلك بأن أطلق طائرات محمله بماده ترش السحب الكثيفه قبل مرورها إلى الميدان الأحمر فتسقط الأمطار بعيدا ً عنه ...
و هو ما كان بالفعل ...
...
.. و كنت مشدود تنتابنى مشاعر الفرح و البهجه وانا فى الميدان الاحمر
.. أستطيع ان أقول أنه في كل ميدان و ساحه رأينا العرائس في احتفاليه بسيطه و جميله لا تكلفه فيها.
و الأفراح في مصر تثير الإشمئزاز على أُناس يكلفون أنفسهم الملايين مقابل ليله واحده فقط ...يستوردون الورود من اندونسيا و هولندا ...
و الكفيار من روسيا ... و الفواكه من افريقيا الإستوائيه و الفستان من أشهر بيوت الأزياء الفرنسيه . فى اسراف ينهى عنه الإسلام مع تفاخر
على صفحات الجرائد و المجلات ليحبط الشباب و الشبات دون احترام للمشاعر و الأحاسيس مع زيادة نسبة العوانس الى أكثر من 7 مليون نسمه
لمن تعدوا سنة الثلاثين ...
لذلك خطب الرئيس بوتين عندما كان فى سدة الرئاسه في ساحة الميدان الأحمر محتفلاً بالعام الجديد يبث الأمل في شعبه بأن نسبة المواليد في ازدياد مستمر
مما يدل على تفائل الناس بالمستقبل و اقبالهم على الحياه ...
هذا و روسيا تعدادها 170 مليون نسمه تقريباً ...
و البشر عندهم نعمه و ليس نقمه ...
وسيله للتقدم و الرخاء و ليس للتخلف و الفقر ..
هذا مع ان روسيا تمر بظروف اقتصاديه سيئه للغايه .. سبل جديده للعيش ..
و اصبحت تأخذ معونه خارجيه ..
و ذلك لتحولها من الإشتراكيه الى الإقتصاد الحر الرأسمالى.
في موسكو ..
انا في قلب موسكو ..
و لكى أسجل هذا الحدث في حياتى أخرجت الكاميرا و سجلت ما أستطعت تسجيله من لقطات .. و انهيتها بالكاميرا الفيديو التى لازمتنى طيلة الرحله فكنت أسجل رحلتى من البدايه إلى النهايه من أول مطار القاهره إلى العوده بلغت ساعات تسجيل الفيديو لرحلة روسيا حوالى ثمانية ساعات ...
من اللقطات التى تسر لها مشهد العرسان في الصباح الباكر بفستان الفرح الأبيض و العريس بالبدله الاسموكن معهم نفر من الحبايب و الأصدقاء يشاركونهم فرحتهم يجوبون شوارع موسكو و ميادينها و أماكنها التاريخيه و الحضاريه .. و طيلة الأسبوع الذى قضيناه في روسيا كانت الشوارع و الميادين مليئه بمواكب العرسان تشع من عيونهم الفرحه و السعاده و أكثر ما رأينا في مدينة بطرسبرج المدينه الصيفيه في شمال روسيا على خليج هلسنكى .
الشاعر السوفيتى ياروسلاف سميلياكوف "1913-1972 "أهتم بمنجزات البناء اليومى و طباع الفتيان و الفتيات العاملين في ورشات المصانع لأنه منهم عامل مثلهم سجل بشعره شعار دولته المطرقه و السندان , و كتب شعراً عن لغته الروسيه و عن الأرض و العجوز و المغزل و عن شوح الكريملين , فقال في الأخيره :
ما أروع ذاك
الذى حمل إلى الساحة الحمراء
ليس أشجار الصفصاف الباكيه
و لا اشجار البتولا الشفافه كالحكايات
...
شوح الكريملين القاتم
ينتصب برفق و هدوء
عند الفجر
أشجار الشوح
المدببة الرؤوس
نبات العاصفه الثلجيه
ذكرى تشييع لينين
زينتها
عزيزه علينا
نحبه
اغصانها العابسه
و جذوعها السيبيريه
المستقيمه
تعجبنا
....
بعد ان انتهت الوقفه التى نظرنا من خلالها إلى قلب الميدان الأحمر و أسوار الكريملين و برج الساعه و كاتدرائية باسيلى , سرنا على الأقدام غلى حيث يقف الميكروباص في ميدان مخصص خلف الكاتدرائيه عل أرض
مرتفعه , في الطريق الى الميكروباص ترى أكشاك صغيره مليئه برسومات جميله للميدان الأحمر و خاصه كاتدرائية باسيلى و ترى بعض الفنانين يرسمون أمامك لوحاتهم الجميله الاتقان في سهوله و انسيابيه اقترب منهم و من لوحاتهم و تأمل و شاهد و لن يقترب منك أحد يسألك او يلح عليك بالشراء أنت في وادى و هو في وادى أخر هو سعيد يمارس هوايته مصدر رزقه و أنت سعيد لأنك سائح تراه لأول مره..
و نظرنا لكبر الساحه الخلفيه مكان وقوف السيارات وجدت أنفاق تحت الأرض حتى لا يخترق المشاه فريق السيارات , و فى هذه الأنفاق تجد اطفال غايه في البراءه يعزفون على على أوكورديون بسيط قديم و صغير .. يغنى الطفل بجديه تامه منفعلاً ليحصل على روبيات قليله تضعه أمامه تسر قلبه ...