
الأحبة
الكرام رحلة الـ " 16000كم " والـ 45 يوماً ، في جزيرة العرب ، مكلبش من وإلى السعودية عبر الإمارات وعمان واليمن .
"وللناس فيما يعشقون مذاهب"
ربما تحدث أحدهم بشئ ما تعتبره أنت من أجمل ما يمكن أن تحدث به الآخرين ..
لكنك بالتأكيد لن تجد اهتماماً بدرجة واحدة ، يتوازى وحجم الشعور الذي تتحدث به والحماس الذي تبديه ..
فالبعض قد لا يرى فيما تقول نفعاً .. ولا فائدة .. فلا يلقي له بالاً ..
والبعض الآخر يهتم بدرجة متوسطة ومتناسبة مع قدر الحديث والأحداث التي فيه ..
وقد تجد آخرين شغوفين وعاشقين أكثر من عشقك .. فيتلهفون للمزيد والمزيد من حديثك ..
وهذه سنة طبعية يجب أن نقبلها في كل جوانب حياتنا ..
وحديثي اليوم عن جانب من جوانب عشقي وهيامي وهو السفر بالسيارة والترحال والتجوال ..
وما أجمل ذلك عندما يكون برفقة الأحباب ( الزوجة والأبناء ) ..
وكم كنت أتمنى أن تكون أعز إنسانة (أمي ) معي ..
لولا أنها غير قادرة على مثل هذه الأسفار .. حفظها الله ومتعها بالصحة والعافية .
ولمثل هذه الرحلات جمالٌ ونكهة أيضاً ولكن بطعم آخر ، وذلك عندما تكون برفقة أحباب آخرين من الأصدقاء والأصحاب ..
وكما قيل " لكل مقام مقال " ..
فالتميز له خصوصية .. كخصوصية من تختار لمرافقتك في أسفارك القريبة أو البعيدة ..
ولهذا حرصت أن تشاركني في هذه الرحلة أسرتي الصغيرة ..
لأني أعلم أن هذه الرحلة متميزة .. فقد أعددتها وخططت لها لتكون كذلك ..
فلابد أن يكون أعضاؤها متميزون .. وهذا ما حدث بفضل الله وكرمه .
كم تمنيت أن يشاركني كل من أحب ويعز علي لمشاهدة ما شاهدته .. خاصة أولئك الذين تتوافق أهواؤهم مع هذا النوع من العشق وهذه الهواية ، المرهقة للبعض .. الممتعة للبعض الآخر .
16181 كم قطعناها في 45 يوماً مررنا بعشرات المدن وعشرات عشرات القرى ..
أحداث كثيرة .. ومواقف متعددة ..
كسر زجاج السيارة وسرقت في "دار الزين" العين .. في أول يوم من الرحلة ..
اجتزنا طرقاً وعرة وخطيرة في أعلى قمم جبال مسندم ، وفي ولاية رخيوت العمانية ، وأخرى في بعدان ومحافظة المهرة اليمنية ..
خشينا من هيجان البحر فتراجعنا عن ركوب العبارة إلى جزيرة مصيرة العمانية ..
غاصت بنا السيارة في رمال محمية السلاحف التي لامسناها بأيدينا ..
وانزلقت بنا في مرتفعات ظفار ..
ذهبنا لإنقاذ ( مغرزين ) .. وغرزنا فأنقذنا آخرون في دربات ..
دخلنا معمعة حرب في مأرب .. بعد تفجير منشآت نفطية .. ورأينا الرعب هناك ..
دبابات وجيش .. ومسلحون يجوبون الشوارع..
أكلنا من أكل صنعاء فمرضنا وتوعكنا ..
وشاهدنا حوادث على طريق باب المندب فما استطعنا تصويرها لبشاعتها..
صعدنا جبالاً شاهقة جرداء هنا وهناك ..
وأخرى ساحرة أخاذة كالجنة الخضراء ..
في جبل القمر كان السحاب كالبحر تحتنا ..
وفي ضلكوت بحر بجوارنا .. وأخر فوقنا ..
شاهدنا أجمل السواحل .. واستلقينا على رمالها الناعمة ..
وشربنا من عيون عذبة ..
ورأينا أنهاراً تجري ..
وودياناً تغيل ..
وقفنا تحت شلالات رائعة ..
وبحثنا عن منابعها حتى وجدناها ..
اجتزنا الفيافي المقفرة ..
ودخلنا قرى فقيرة معدمة ..
وأخرى نائية بعيدة ..
ومدناً عامرة متحضرة ..
وتعمقنا في أودية سحيقة موحشة ..
دخلنا كهوفاً ..
وزرنا قلاعاً وحصونا ..
دخلنا الكثير من الغابات ..
ومنعنا من دخول بعض المحميات ..
رأينا فقراء لا أفقر منهم فقير ..
وآخرين يركبون أشباه الطائرات .. في الشوارع تسير ..
كسبنا صداقات ..
ووطدنا علاقات ..
تعرفنا على أناس من أطيب الناس خلقاً وكرماً .. فأكرمونا ..
وقابلنا أناساً .. أشبه بالجن والشياطين .. فأرعبونا ..
وختمنا الرحلة .. بعمرة رمضانية مباركة ..
في أول ساعة من رمضان التقوى والخير ..
ثم صلينا التراويح مع السديس في الحرم المكي..
وصلينا التراويح في مسجد المصطفى عليه السلام في طيبة الطيبة في الليلة التي تليها .
خرجنا من الرياض في ليلٍ بهيم ..
نخشى مراقبته لنا .. وأن يمنعنا هذا الغياب الطويل ..
وعدنا إليه في ليلٍ معتم .. مع مطلع رمضان .. لعله يغفر لنا هذا البعد ..
مع بالغ مودتي للجميع ،،،
مكلبش
كونوا معي في هذه التقرير الموجز..