لقد قلت في ردي أنها استراحة محارب فإذا بي أفاجأ بأنك محارب فعلا .. شوف يا أبو عاصم ولا تعتبر هذا نوع من رفع المعنويات لكن اللي يشوف صورتك وإنت راكب الفرس بدون ما يقرأ الكلام والوصف والتعليق يقول عليك فارس من الفرسان لكن إنت الله يهديك صريح .. كان مشيتها يا أخي وخلي الناس تشوف صورتك على الفرس بدون تفاصيل .. خليني أعطيك سيناريوا صناعة الأبطال ، شوف يا أبو عاصم الله يحفظك ويخليك إنت تحط الصورة الأولى هذه وتكتب تحتها :
الفرس الأولى بعد ما أجهدتها وقطعت بها الوديان والجبال والسهول والأنهار فلم تحتمل كل ذلك الإجهاد فسقطت مغشيا عليها!.. تركتها بعد أن امتنعت عن دفع الحساب لسائسها فلم تكمل مدتها المعلومة ، التفت فإذا بي أرى فرسا أخرى ظاهر عليها علامات الصلابة والقوة : ولم أمهل راعيها وامتطيتها على الفور بل أنني لم أتشاور مع راعيها في السعر فتجربتي مع الفرس الأولى جعلتني أرغب في تجربتها ثم الاتفاق على السعر لاحقا ، اعتليتها فحركت رأسها مندهشةمن سرعة امتطائي لها : لكنها مع الأسف لم تعرف بأني فارس لا يشق له غبار وأنني ثابت عند اللقاء وبعد دورتين حول بحيرة أبانت اضطر صاحبها لجرها إلى الاسطبل جرا فلم تعد قادرة على المشي فضلا عن الركض : لم يرض أي سائس أن يؤجرني فرسه بعد ذلك واضطررت إلى استخدام القطار فلا يفل الحديد إلا الحديد : مع تحيات فارس الفرسان أبو عاصم رفيع الشان وصاحب عبارة : الميدان يا حميدان .. شفت يا أبو عاصم كيف إن العملية بسيطة والصور لا تدع مجالا للشك؟ .. ذكرتني بحادثة وقعت لي قبل سنوات طويلة عندما ركبت جملا لأول مرة في حياتي وكان ذلك في طريق الحائر بمدينة الرياض حيث كانت توجد استراحة متواضعة قبل سجن الحائر وبعد نهر ناتج عن مياه الصرف الصحي وكان يوجد في تلك الاستراحة خيول وجمال وبعض الدراجات النارية وبركة سباحة متواضعة وبعض الجلسات البسيطة حسب ما أذكر ، كان الجمل الذي ركبته إسمه : مرزوق ( لم أنسى إسمه حتى الآن) وكان العامل البنغالي يقربه من جدار بارتفاع متر تقريبا كي يركب عليه المتنزهون ثم يطلقه في ساحة دائرية مغلقة بسياج والجمل يعرف طريقه فيأخذ جولته ثم يعود إلى المكان الذي انطلق منه ، وتحرك مرزوق وأخوك أبو سلطان يرى الأرض وكأنه راكب طيارة من علو وارتفاع الجمل ، كانت نبضات قلبي منتظمة في البداية مع بوادر شعور بالهلع ، ثم زادت الضربات قليلا عندما تحرك الجمل وارتفع معدل الهلع مع وقوف بعض شعر الرأس ، ثم تحولت النبضات إلى قرعات طبلة بعد أن ابتعد الجمل عن أنظار العامل البنغالي سار مسافة قصيرة ثم انعطف مع السياج وتوقف! ، تحولت الآن نبضات قلبي من قرع طبلة واحدة إلى قرعات طبول عديدة فقلت بصوت مبحوح بالكاد خرج من حلقي أخاطب الجمل : إمشي يا مرزوق .. ومرزوق ولا حركة! .. إحم .. إمشي يا مرزووق .. ومرزوق ولا نفس .. إمشي يا مرزوووووووووووووووووووق الله يستر عرضك! .. ما فيه فايدة .. بعد قليل حضر البنغالي بعد أن أستبطأنا فوجدني متشبثا برقبة الجمل أحثه على الحركة دون فائدة .. نهر البنغالي الجمل وأمره بالتحرك .. الجمل في ذاك الوقت كان بايعها .. ولسان حاله يقول : ماني متحرك من مكاني واعلى ما في جمالك وخيولك إركبو .. كرر البنغالي الأمر أكثر من مرة بدون فايدة وهنا ما تشوف عينك إلا النور .. هجم البنغالي على الجمل وهات يا ضرب بالعصى وأنا فوق الجمل .. أنا سمعت كثيرا العبارة التي تقول : وضربه ضرب غرائب الإبل بس عرفت معناها بالضبط لما شفت الجمل قاعد ينضرب قدام عيني .. الجمل أخذ ضرب عمره في حياته ما أخذه ، طبعا كل هذا الضرب وأنا لسه فوق الجمل .. شفت في عمري كثير من حركات العض لكن تلك كانت المرة الأولى اللي أشوف فيها بني آدم يعض جمل! .. هجم البنغالي على مرزوق وعضه في رأسه وفي شفته وفي إذنه .. بعد ما تأدب الجمل وأكل علقة محترمة وجيت أبغى أنزل أمرني البنغالي بمواصلة الركوب حتى طريق العودة إلى خط البداية .. نعم يا خويا؟ .. تبغاني بعد كل هذا الضرب أكمل؟ .. لا يا حبيبي العمر مش بعزقة .. خلاص حلال عليك الفلوس ما نبغى نكمل .. لكن البنغالي أصر إني أكمل لأنه كان ينظر نظرة للمستقبل ، لو نزلت الحين الجمل أخلاقه تخرب وما يحس بأنه غلط وممكن يسوي الحركة هذه في شخص آخر .. لكن عندما يعود إلى خط النهاية بنفس الراكب الذي حمله من خط البداية راح يتعلم كيف يتأدب مع الزباين .. يا سلام على التربية .. يا سلام على الأخلاق .. عموما علشان لا أطول عليك السالفة يا أبو عاصم رجعت وأنا أحس إن الجمل وده يرميني ويتوطي في بطني بسبب كل الضرب اللي أكله من البنغالي بسببي .. ولم أركب جملا بعد ذلك طوال سنوات إلى أن رزقني الله بابنتي الكبرى وبلغ عمرها سنة ونصف أو سنتان وكنت اجلس على شاطيء نصف القمر بالمنطقة الشرقية فأردت أن أدخل السرور إلى قلب ابنتي بعد أن رأيت جملا بهودج وانحلت بذلك عقدة مرزوق! .. على الأقل إنت سويتها وركبت فرس وأصبحت فارس ، لكن أنا وش أقول عن نفسي؟ .. كل تلك البهدلة ولا يطلق علي لقب فارس لأني امتطيت جمل يا حسرة .. خلاص من الحين سوف يلتصق بك هذا اللقب يا أبو عاصم : الفارس عمدة أزون غول .. مين قدك يا عم؟ هنيا لك .. يحفظك المولى جعلتنا نسترجع بعض الذكريات ..