إضافة رد
17 / 05 / 2009, 25 : 02 AM
رقم المشاركة :  1 
][::.. مسافر جديد ..::][



الملف الشخصي
تاريخ التسجيل : 23 / 04 / 2009
رقم العضوية : 7440
الإقامة : KSA
المشاركات : 5
الحالة : مثل البدر غير متواجد حالياً
موضوع يستحق القراءة

يعيش في المملكة العربية السعودية أكبر عدد من الفلبينيين خارج وطنهم، إذ بلغ عددهم نحو 1.019.577، وفي عام 2006 فقط استقبلت المملكة أكثر من 223 ألف فلبيني، والعدد في اطّراد فهم في كل مكان من حولك.
وهذا كان رأي ميل (40 سنة) الممرضة الفلبينية التي تعمل في جدة منذ عشرين سنة تقريباً، فهي لا تشعر بالغربة على الإطلاق؛ فهي تتلقى معاملة حسنة داخل العمل وخارجه، كما أن الفلبينيين على حد تعبيرها في كل مكان في هذا العالم الصغير.
كان هذا طرف خيط الحوار في ذلك المستوصف الصغير في حي الشرفية، وفي ذلك الشارع الذي ينتهي طرفه إلى شارع الستين في مدينة جدة. كنت قد رافقت زميلي الذي استقبلته قبل يومين ليجري الفحوصات الطبية اللازمة لاستخراج إقامته الجديدة في المملكة.
الابتسامة المريحة أول ما يجذبك إلى وجه ميل، كانت الإجراءات تسير ببطء وفي مصلحة إتمام هذا الحوار.. ميل.. تمتاز بما يميز الفلبينيين عن غيرهم وهو إجادتهم للغة الإنجليزية بلكنة "مسرسعة"، وحصولهم على التدريب الفني في صفوف مبكرة ؛ فالفلبين تمتاز بمعاهد تدريبية متخصصة تصقل مواهب طلبتها بأفضل أنواع التدريب المرتبط بالعمل.. أقرب للقصر منها إلى الطول.. واحدة من الممرضات الفلبينيات اللاتي يشكلن ما نسبته 23% من عدد الممرضات في العالم؛ ففي الفلبين نحو190جامعة وكلية ومعهد معتمدة تقدم شهادات ودورات في التمريض، وتخرِّج سنوياً أكثر من 9000 ممرض وممرضة ينتشرون حول العالم؛ لتجدهم في كل مكان ملائكة للرحمة كما يسميهم المرضى في كثير من البلدان.
تخرجت قبل أكثر من عشرين عاماً، في أحد معاهد مانيلا.. وربما كان هذا هو السبب الذي جعلها تختار مانيلا اسماً لها؛ حين عرفت أنني صحفي وأريد أن أجري معها حواراً.. احترمت رغبتها واستخدمت اسم عاصمتها.. وحين طلبت منها التصوير لامت ذكائي؛ لأنها رفضت أن تخبرني باسمها فهل ستجعلني أصورها، وإن كانت قبل أن أغادر المستوصف راضياً غابت قليلاً ثم عادت ومعها ظرف طبي ظننت أن فيه نتائج الفحص الطبي لزميلي، وقد كان ولكن معه ثلاث صور واحدة جماعية لها عند أداء القسم بعيد التخرج من المعهد، والثانية لبعض زميلاتها اللاتي لم تخبرني بأسمائهن.
يبدو أنني قد أحببت هذه البلاد.. قالتها ميل عندما أشارت إلى العشرين سنة التي أمضتها في المملكة.. تلقيت عروضاً كثيرة للعمل في الكويت بل وفي الولايات المتحدة، وهنا استطردت قائلة"عندما كنت أصغر سناً من الآن"، خشيت أن أجاملها بكلمة فيكون هناك من هو حولنا، كانت يداها تعملان بسرعة ودقة ومهارة، وربما ذلك ما جعلها تخبرني بأن "السعوديين يحترمون من يتقن مهنته، كما أنني أعرف حدودي جيداً، وعملت جاهدة من أول يوم وصلت فيه إلى مطار الملك خالد بالرياض على أن يعرف المتعاملون معي هم أيضاً حدودهم؛ سواء في العمل أو خارج العمل".
كانت قد انتهت من سحب عينة الدم من صديقي النحيف بطبعه؛ ولكن عروقه لم تكن نحيفة، فربما كانت كل ما يملك فوق العظام، وهنا أشارت ميل – أقصد مانيلا – فهذا الاسم نادتها به زميلتها حين مرت بنا في طريقنا لحجرة الأشعة، ـ قائلة "كثير من الفلبينيين يفعلون ذلك، فالإعداد المبكر الذي نتعرض له في بلادنا يجعلنا أكثر قدرة على التكيف في كل الأوساط والبلدان ومع كل الأنماط الإنسانية، ولا تنس أنك تتعامل ليس مع الإنسان العادي، ولكن مع الإنسان المريض، وهذا يجعلك ترى إنساناً مغايرا لطبيعته الأساسية خارج هذا المكان، فهو أكثر رقة واستسلاماً لما تمليه عليه من تعليمات هي في صالحه، بالطبع هناك كثير من المرضى صعبو المراس، ولكن في النهاية وحين تلبي مطالبهم البسيطة تجدهم في أحسن حال للتعامل معك".
قالت ميل "مهنة التمريض قيمة إنسانية عالية. لم تفلح الصعوبات اليومية والمشاكل الإدارية التي أصادفها هنا في زعزعة هذه القيمة في نفسي، كما أنني استطعت بعد صعوبة بالغة أن أوفر عملا لزوجي هنا أيضاً، فلم يكن لي أن أستقدمه مباشرة مثل بعض المهن الأخرى، والتمييز هذا بين بعض المهن في الإجراءات هو الشيء الوحيد الذي يحبطني هاهنا، كذلك بعض المشكلات الإدارية حين قدمت قبل سنوات من رئيستي في العمل، إنها سعودية ولكنني رويداً رويداً اكتشفت ما تعانيه هذه الممرضة السعودية المحترمة من صعوبات في مجتمعها من ضغوط أسرية ومجتمعية، كأنه عقاب عليها لاختيارها هذه المهنة النبيلة، مما جعلني أتفهم بعضاً من ثوراتها إخراجاً لهذا الكبت، والآن نحن صديقتان فهي على خلاف غيرها من الممرضات السعوديات جاءت لتتعلم، ولم تأت لتعمل كمديرة لقسم التمريض على ممرضات أجنبيات يفقنها مهارة وفناً، فكانت تسأل وتنظر وتراقب بعين فضولية، وترددت كثيراً قبل أن تعمل بيديها، ولكنها الآن لا تقل عني مهارة فنية أو خبرة في التعامل مع المرضى، وهي رئيستي على أي حال".. وهنا ضحكت مانيلا وقالت.."والرئيس دائما على حق.. أليس كذلك؟"، أجبتها بالطبع وأنا أتخيل كل رؤسائي الذين كانوا على حق عبر سنوات الشقاء الماضية!.
وحين هممت أن أتابع الحديث معها، مرت بنا عملاقة سمراء ترتدي روباً أبيض لا يكاد يصل إلى وسطها رافعة كوعيها إلى صدرها حتى تتمكن من وضع كفيها في جيبي الروب الأبيض.. وبصوت حازم لا يخلو من توبيخ.. الانتظار بالاستراحة يالأخو ماهوب هنا، وكانت نظرتها كافية لكي تجعلني أرخي أذني وأنطلق إلى استراحة انتظار الرجال في استكانة النساء.
ولكن بعد قليل تابعت ميل "إذا أرادت الممرضة أو المرأة السعودية بوجه عام أن تطور من ذاتها فعليها العمل على تغيير الزاوية الضيقة التي ينظر من خلالها المجتمع إلى مهنة التمريض في المملكة؛ معتبراً أنها مهنة خدمية لا تليق إلا بفئة معينة أو بغير السعوديين بوجه عام، كما أن الرغبة وحدها لا تكفي فيجب إعادة النظر في عملية القبول لمن يريد العمل في تلك المهنة لأهمية توفر خصائص شخصية، واتجاهات نفسية من الضروري توفرها في الممرض أو الممرضة، أيضاً لابد من العمل على تحفيز الالتحاق بتلك المهنة برفع رواتب الممرضات والممرضين. نظراً لصعوبة عملهم وعدم تقبله اجتماعياً كما يجب خاصة للفتيات... فلماذا نجد نسبة كبيرة من السعوديات يعملن في القطاع التعليمي ولا يلاقين هذه الصعوبات التي تجدها النسبة الأقل في القطاع الصحي؟"، هنا أمَّنت على حديثها هذا فأكثر من ثلاثة أرباع المشتغلات السعوديات يعملن في التعليم بنسبة بلغت 77.6 % تليهن المشتغلات في نشاط الصحة والعمل الاجتماعي بنسبة 10.5 %.
وتابعت "هذه المهنة يا صديقي تتطلب جهداً بدنياً ونفسياً. مع قدرة على الصبر والتحمل وحسن التعامل مع النفسيات والعقليات البشرية كافة، غير أن بعض السعوديين يعتقد أن الممرضة خادمة ولكن بزي أبيض"...
كان يجب أن أعلِّق على كلماتها الأخيرة التي قالتها بنبرة حزينة، لكن صديقي خرج سريعاً يعدِّل من ثيابه وملامحه مريعة مما جعلني أُهرع به إلى السيارة سريعاً وأعود لآخذ نتائج الفحوصات الطبية، وحين عدت وجدت زميلتها قد أنهت الإجراءات سريعاً ووجدتها تعطيني المظروف بابتسامة محايدة، كانت مانيلا في الخلفية تلوِّح لي باسمة.. لم أستطع أن ألوِّح إليها حيث وقفت العملاقة السمراء بيني وبينها، كنت في الخارج وشجاعتي أحسن حالاً الآن، لكنها لم تكن تكفي بعد، فآثرت السلامة، ومضيت بصديقي التعس وأنا سعيد بهذا الحوار الراقي.

منقول
المصدر
http://www.alwatan.com.sa/news/newsd...2214&groupID=0
18 / 05 / 2009, 15 : 08 PM
رقم المشاركة :  2 
][::.. مسافر جديد ..::][



الملف الشخصي
تاريخ التسجيل : 18 / 12 / 2008
رقم العضوية : 5095
الإقامة : مكاتي -ايالا
المشاركات : 31
الحالة : رجنت غير متواجد حالياً
رد: موضوع يستحق القراءة

يعطيك الف عافيه
تحياتي لكم : أخوكم رجنت
24 / 05 / 2009, 03 : 10 PM
رقم المشاركة :  3 
درجة أولى



الملف الشخصي
تاريخ التسجيل : 11 / 12 / 2007
رقم العضوية : 761
الإقامة : ارض السلام
المشاركات : 615
التقارير : 6
الجنس : ذكر
الحالة : حمودي الرساوي غير متواجد حالياً
رد: موضوع يستحق القراءة

شكر لكم على الموضوع
إضافة رد

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى الردود آخر مشاركة
مدينة الاحلااااااااااااااااام موضوع يستحق المشاهدة فقط وليس المشاركة دوكا واحـــــــة الــــزاد الـــعــــامة 20 19 / 07 / 2011 29 : 05 AM
تفسير جميل جداً يستحق القراءة naim زاد المسافر الإسلامية 5 09 / 06 / 2010 21 : 08 AM
كتب قيمة تستحق القراءة سليمان الذويخ الأرشــيــف الــعــام 2 17 / 09 / 2009 38 : 05 PM
[ مشروع ] القراءة للجميع .. نسيم نجد الأرشــيــف الــعــام 23 19 / 12 / 2008 05 : 01 PM


المواضيع ، تعبر عن رأي كاتبها ويتحمل مسؤوليتها فقط ، ولا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة ومنتديات زاد المسافر .