تتميز مدينة "إبّ" بموقعها الجغرافي الهام، حيث تقع على بعد 193 كم جنوب العاصمة اليمنية ، وقد حبا الله أرض هذه المدينة بتربة خصبة، لذلك عرفت بـ "اللواء الأخضر" نظراً لطبيعتها الساحرة، حيث تكتسي جبالها باللون الأخضر وتتفجر منها ينابيع المياه العذبة والشلالات التي جعلت منها بحق جنة من جنان الأرض وواحدة من أجمل بقاع العالم.
و"إبّ" تنطق بكسر الهمزة والباء الموحدة المشددة ، سميت قديماً بمدينة الثّجة، لكثرة سقوط الأمطار عليها، وهي تعني لغوياً المرعى، ويرجع بعض الباحثين سبب التسمية إلى شهر أغسطس (آب) نظراً لكثرة هطول الأمطار على المدينة في مثل هذا الشهر من كل عام.
وتعتمد مدينة "إبّ" على الأمطار الموسمية التي تتحول إلى أنهار من خلال مجموعات عديدة من الأودية، ويصل معدل الأمطار السنوية في "إبّ" وما حولها حوالي 800 – 1200ملم، وبهذه المقومات تتحول أراضها وجبالها ووديانها إلى قطع خضراء مع امتداد البصر،أما سبب تسمية المدينة فيرجعه أحد المستشرقين الذين زاروها بأنها "فيروزه بيضاء على بساط أخضر".
وتنتشر المواقع السياحية الطبيعية على امتداد المدينة التي تجذب السياح من كل مكان للاستمتاع بجمال الطبيعة وسحرها الأخاذ، حيث تزين الجبال الخضراء شرايين الأودية التي تنهمر من خلالها المياه العذبة والشلالات ومن أشهر أودية "إبّ" التي لا يتوقف فيها جريان الماء على مدار العام وادي "بنا" ووادي "زبيد" ووادي "ميتم" ووادي "عنة" الذي تنتشر على ضفتيه ينابيع الحمامات المعدنية الحارة ووادي "الدور" الذي تغنى به شعراء اليمن لجماله الفائق وتشتهر هذه الوديان التي ينتهي بها المطاف في البحر الأحمر وخليج عدن بزراعة البن وقصب السكر والمانجو، كما تشتهر محافظة "إبّ" بالحمامات الكبريتية الطبيعية التي يقصدها الناس للعلاج والاستشفاء ومن أشهرها حمامات "دمت".
وإلى جانب جمالها الأخاذ، تمتلك مدينة "إبّ" تاريخاً حافلاً، حيث كانت موطناً لأهم وأبرز الحضارات والممالك اليمنية القديمة مثل دولة بنى رعين والدولة الحميرية التي نشأت في العام 115 ق.م واتخذت من مدينة ظفار إحدى مدن "إبّ" عاصمة لها.
ومازالت شواهد الحضارات التي نشأت في "إبّ" قائمة حتى اليوم من خلال عشرات الحصون والقلاع والمواقع الأثرية مثل قصر ريدان ظفار الذي يعود للدولة الحميرية، وسور وأبواب مدينة يريم، ومن أهم الحصون والقلاع قلعة "سماره" وحصن "حب" وحصن "المرايم" وقلعة" باب المناخ" وقلعة "عمامة البنيان".
ومن أشهر المعالم التاريخية في المدينة "قصر البيضاء" الذي يعود للعصر الحميري وتزخر مدينة "إبّ" القديمة بالعديد من المباني والقصور القديمة مثل دار الحمام ودار الفرناج ودار الخان الذي بناه العثمانيون، إضافة إلى سور المدينة وأبوابها الخمسة التي لم يتبق منها اليوم غير باب وحيد.
كما يعد "الجامع الكبير" في المدينة أحد أبرز المعالم التاريخية والتحف المعمارية ويعود تاريخ بناؤه إلى العقد الثاني من القرن الأول الهجري ذلك فهو يعد واحد من أقدم المساجد في اليمن وقد سمي بالجامع العمري نسبة إلى مؤسسه الخليفة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه- غير أن الجامع مر بالعديد من التجديدات والإضافات من قبل كل الدويلات التي حكمت اليمن مثل الدولة الزيادية و الدولة الطاهرية، غير أنه ظل محافظاً على طابعه المعماري الفريد وجمال تصميمه الذي يجذب الزائر عند النظر إلى صحنه وأروقته وقبابه التي تقترب كثيراً من الطابع المعماري للمساجد التي بنيت في صدر الإسلام.
وتوجد في محافظة "إبّ" العديد من الصناعات الحرفية والمشغولات اليدوية، التي توارثها "الإبّيون" جيلاً بعد جيل، وتعتبر عامل جذب سياحي، ومن أهم تلك الصناعات، الفضية والفخارية والمعدات الزراعية، والتي تعرض في الأسواق الشعبية الأسبوعية المنتشرة في مديريات محافظة "إبّ".
ويتميز سكان "إبّ" بحبهم للهجرة والاغتراب، فهناك عدد كبير من أبناء المحافظة مهاجرون في دول عربية ودول غربية، مثل السعودية ودول الخليج والولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، وبلغ عدد المهاجرين من المحافظة قرابة 200 ألف مهاجر.