قطعوا 4500 كيلومتر قبل أن تحاصرهم الظروف ليلةوقفة عرفة
شيشانيون يوثقون في بلادهم شهامة سعودي في حائلأعانهم على إكمال الحج
إبراهيم الجنيدي من حائل
قادت شهامة ومروءة شاب سعودي حائلي، حجاجا من الشيشان إلى تجاوز عقبات كبيرةواجهتهم، وهم في طريقهم لأداء مناسك الحج، بعد أن تعرضت مركبتهم إلى حادث مروريأعطبها وأوقفهم عن مواصلة المسير ليلة الوقوف في عرفة، خاصة أنهم في سباق مع الوقت،إذ إن الحج أيام معلومات.
وتعود تفاصيل القصة إلى أن الشاب عبد العزيز بن عليالخطيب من أهالي حائل تصادف مروره بأحد الميادين وسط حائل بوجود حادث مروري تعرض لهحجاج من دولة الشيشان ستة رجال وامرأتان، ووسط الحزن الذي أصابهم، لم يتوان الشابالحائلي بدعوتهم إلى منزله، وضيافتهم، قبل أن يقوم بكفالتهم لدى مرور حائل واستخراجورقة من المرور تمكنهم من الوصول إلى عرفة في نفس الليلة، مع قيامه باستئجار سيارةتقلهم إلى المشاعر.
لم تتوقف مروءة الشاب السعودي الحائلي عند ذلك،فبعد مغادرتهم حائل إلى المشاعر المقدسة، قام بإدخال سيارتهم في إحدى الورشالمتخصصة في حائل وإصلاحها على حسابه الخاص كي تكون جاهزة بمجرد عودتهم من أداءفريضة الحج.
من جهته، أوضح لـ «الاقتصادية»عبد العزيز الخطيبالملقب حاليا في حائل»بمحجج الشيشان»، أنه عندما شاهد بكاء السيدتين الشيشانيتينالطاعنتين في السن على الرصيف بالقرب من سيارتهم التي تعرضت للحادث وسؤال الحجاجالشيشان عن عرفات وكم يفصلهم عنها؟ وهل يستطيعون الوصول إليها، عقد العزم على إنهاءمعاناتهم واصطحابهم بسيارته للحج، إلا أن بعض الظروف القاهرة منعته من ذلك، ومنأبرزها أنه لم يقم باستخراج تصريح للحج . وقال «عندما دخل الحجاج الشيشان منزلياستخرت الله، وهداني ربي إلى أن أسرع بالذهاب لأستأجر لهم سيارة مع سائقها ليوصلهمإلى عرفة ويعود بهم لي بعد نهاية الحج وهو ما تم بالفعل ولله الحمد، وما قمت بهتجاه الحجاج الشيشان سيقوم به أي مواطن سعودي عند مشاهدته لهم في موقف لا يحسدونعليه».
وأشار بكر علي الخطيب الأخ الأكبر لعبد العزيز، إلىأن وجود الحرمين الشريفين في بلادنا والاهتمام الكبير الذي يجدانه من حكومة خادمالحرمين الشريفين يحتم علينا، كمواطنين أن تتكامل جهودنا مع الحكومة لتذليل كافةالعقبات التي تعترض طريق حجاج بيت الله الحرام. وزاد»ما قام به شقيقي تجاه إخواننافي الله الحجاج الشيشانيين واجب إسلامي وإنساني».
و أكد الحاج رمضان من الشيشان خلال مأدبة عشاءأقامها البارحة الأولى بكر بن علي الخطيب الشقيق الأكبر لعبد العزيز في منزله في حيالنقرة جنوبي حائل احتفاء بالحجاج الشيشان، أن كرم عائلة الخطيب في حائل ممثلة فيعبد العزيز وشقيقه بكر ووقوفهم معهم في أحلك الظروف وأقساها، والتي لم تمر عليهمطوال حياتهم، امتداد للمواقف المشرفة التي يتصف بها الشعب السعودي عامة.
وأضاف»مررنا بلحظات عصيبة ولم يكن يفصلنا عن الوقوفبعرفة، سوى ساعات معدودة، بعد أن استطعنا قطع آلاف الكيلومترات في رحلة طويلةوشاقة، خاصة أن أغلب الحجاج هم من الكبار في السن وجاء الحادث الذي تعرضنا له فيحائل، كنهاية حزينة لتلك الرحلة، قبل أن ينجدنا الله بالكريم عبد العزيز الخطيبالذي كان أنموذجا للشاب المسلم السعودي الذي هب لنجدتنا ومساعدتنا وقام بفعل أموركثيرة.
واستطرد في حديثه «نحن الآن غير مصدقين أننا أسقطنافريضة الحج وموجودين في حائل لنستقل سيارتنا التي عادت كما كانت قبل الحادث».
وذكر أنه عند وقوف الحجاج الشيشان على صعيد عرفاتالله الطاهرة رفعوا أكفهم بالدعاء لعبد العزيز ولكافة أفراد أسرة الخطيب التيساعدتهم وأنقذتهم في وقت كان يصعب عليهم فعل أي شيء.
وأشار إلى أن إجمالي ما يقطعه الحجاج الشيشان منمسافة للوصول إلى مكة المكرمة هو 4500 كيلومتر، تتخلله تعقيدات للحجاج الشيشانالقادمين إلى الأراضي المقدسة في الحدود الإيرانية. وقال»مكثنا قبل أن نخرج منالحدود الإيرانية قرابة خمسة أيام، قبل أن يتم السماح لنا بالعبور وهو ما ساهم بشكلكبير في وصولنا متأخرين في ليلة عرفة إلى مدينة حائل».
وأكد أن حديثهم في المشاعر المقدسة تركز بشكل كبيرعلى الفزعة والنخوة التي يتمتع بها أبناء الشعب السعودي في إغاثة الملهوف وابنالسبيل. وقال»تحدثنا مع عدد كبير من الحجاج من بعض الجنسيات في المشاعر المقدسة عنما تعرضنا له و ما فعله عبد العزيز الخطيب إلا أن هناك أجماعا من الحجاج على أن ذلكليس مستغربا على أبناء الشعب السعودي المسلم».
وأشار إلى أن ما حدث لهم سيوثق بالكامل في الشيشانعن مروءة وشهامة أبناء الشعب السعودي الذي مثله عبد العزيز الخطيب خير تمثيل، قائلا «كنا نسمع عن مروءة ونبل الشعب السعودي، إلا أن ما شاهدناه ولمسناه على أرض الواقعيتجاوز ما سمعناه بمراحل».