وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أيها الطيب الذي لا ينثر في أرجاء هذا المنتدى إلا روائح زكية فينتشر أريجها ليشمل البوابة التركية بأكملها ، مرة أخرى أقف مذهولا من شدة إعجابي بقلمك ، لن أمدحك فلقد تجاوزت المديح بفراسخ وانطلقت تحلق عاليا في فضاء الكلمة ، لا أدري هل أعجب بافتتان المغرب بالمشرق؟ أم أتعجب من هذه النافذة التي فتحتها كي نطل منها على أفق أوسع وأرحب يتجاوز القبلية الضيقة والعنصرية المقيتة؟ نعم كم سمعنا هذه العبارة عن المجتمع التركي بأنهم غلاظ شداد ذوي قلوب قاسية وسحنات مكفهرة ، وكم سمعنا عن هذا المجتمع أنه لا يعرف الحب ولا رقة القلب ، هذا المجتمع الذي لا تعرف الضحكة إليه سبيلا ، لدينا قناعات نغلف بها المجتمعات حيث ننظر إليهم من منظور ضيق يقوم على الظن والاعتقاد وتجارب وقصص سمعناها ولا نعرفها حقيقتها من زيفها ، أكثر ما يضايقني إعتقاد البعض بأننا أفضل الشعوب على وجه الأرض ونظرة الاحتقار والترفع التي ننظر بها إلى الآخرين وكأننا بلغنا الثريا واقتربنا من النجوم ، وهذه الطبيعة التي تعشعش في فكرنا ونظرتنا إلى بعض المجتمعات تعمل عمل المخدر المثبط للعزائم والهمم فننام على أمجادنا بينما يعمل الآخرون على قدم وساق للوصول إلى آخر شوط من السباق ، لا أدعي أنني عرفت المجتمع التركي واختلطت به فمع الأسف ليس لدي صداقات هناك إلا صديق تركي من أصل عراقي أتصل به كي يحجز لي بعض الفنادق كلما ارتحلت إلى اسطنبول وما جاورها ، فيما عدى ذلك فتركيا بالنسبة لي بلد سياحي فقط لا غير ، عندما أرى حديث بعض الإخوة الأعضاء عن الأتراك أقول في نفسي قد يكون ذلك من قبيل : وعين الرضى عن كل عيب كليلة وعين السخط تبدي المساويا لكنني أعود فأقول وما يدريك يا أبا سلطان؟ .. هل اختلطت بالأتراك كما اختلط بهم من عرفهم عن قرب؟ .. لكنني من خلال قراءاتي المحدودة أعلم أن الأتراك وإن كانوا أمة واحدة لكنهم من أعراق مختلفة بسبب تلك المساحة الكبيرة التي وصل إليها الفتح العثماني فاختلط الأتراك وتزاوجوا مع غيرهم من الشعوب ، لكن أمران اثنان في التاريخ جعلا للأتراك تلك السمعة السيئة في نظري وهما : القتل بالخازوق وقتل الأخ أخاه لتولي الحكم وهما أمران ارتبطا في أذهان الكثيرين عند الحديث عن العثمانيين ، ولعل الحديث يطول لكني أعود إلى أصل التقرير وأقول أنني انغمست حتى النخاع في حضرتك أنت وجاهد ووالدته وكدت أشعر بقلبي تتسارع نبضاته وأنا أرى تلك النظرة الحانية من أم اثقلتها السنين لكنها أبدا لم تخطف بريق عينيها واعتزازها بنفسها ، أثابك الله على تلك الزيارة لإمرأة مريضة لا يجمعك بها معرفة أو قرابة إلا قرابة الاسلام الذي جعلنا شعوبا وقبائل كي نتعارف فيما جعل الكرامة لمن يتقي الله ..
ولأنك إنسان صاحب مهارات متعددة فلقد انتبهت اللآن فقط إلى أنك لست متقنا لصناعة الكلمة وتنسيق العبارة فقط كما أنك لست متمكنا من التصوير الفوتوجرافي بل أنك تجمع أيضا إلى فن العبارة والتصوير فن آخر لا أدري لماذا لم ينتبه له الأعضاء وهو فن الخط العربي بأنواعه ، يفصح عن ذلك تلك اللوحات الرائعة التي تفتتح بها كل تقرير تكتبه في زاد المسافر ، حفظك المولى وبارك فيك وفيما تكتبه وجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم وفتح عليك أبواب المعرفة وأدخلك من باب الريان وأنجاك من جحيم النيران وأطال في عمرك وزادك يقينا ورفع درجاتك في أعلى عليين ..