أيها المميزون أيها الهائمون أيها العاشقون الذين لا هم لهم سوى البحث عن الهيام بحب الطبيعة وعشقها والسكون إلى الجبال والوديان والجداول والأنهار ومناجاتها والإستماع إلى ذلك النغم والتناغم الذي وهبها الخالق فتبارك الله خالق كل شيء ومبدعه.
نحن الآن ياسادة ، نتجه إلى جبال الغرب تلك الجبال التي ائتزرت بذلك الإزار الأخضر واعتمت بتلك العمامة البيضاء فلا تكاد تضع تلك العمامة البيضاء أبد الدهر ولا يراها الرائي إلا عرفها بأزيائها وألوانها التي تكاد تتفرد بها دون غيرها.
وإذا رأيت يمانيا قد لاح في الافق البعيد ** هاج الفؤاد صبابة لتذكر العهد السعيد
حلقت بنا الطائرة الساعة العشرة والنصف صباحا متجهة إلى جهة الغرب في رحلة تستغرق ست ساعات كاملات مكملات ، وعندما صعدت الطائرة وجدت ذلك الرجل ((الكهل)) الأمريكي جالس في مقعدي فجلست أنا في مقعده وقد بسط بين يديه سفر عظيم ومجلد هائل فقلت في نفسي ما أشد ولع القوم بالقراءة وأشد نهمتهم للعلم فإذا بي أكتشف بعد فترة أنه كتاب سودوكو ((:3)
فسقط ياقوم من عيني سقطة ماقام بعدها ،، - شايب وبآخر عمره سودوكو لا وبعد يخلص من واحدة يقلب الصفحة للي بعدها وهاتك يالعب وشخبطة ومسح وشخبطة ومسح- ومضى زمن الرحلة عليه وكأنه ساعة . ومن لم يكن معه كتاب يقرأه ولا لعبة يتسلى بها فإن أمامه شاشة لن يعدم منها فائدة فيتابع من القنوات ما يحلو له أو يستفيد منه لتنقضي تلك الرحلة الطويلة .
وصلنا مطار سولت ليك الساعة الواحد والنصف لأنها تفرق ساعتين عن توقيت نيويورك فلذلك كسبنا ساعتين من أعمارنا وما أجمل أن يكسب الإنسان يوما جديدا في حياته وهذا ماحدث معنا عندما وصلنا إلى نيويورك ولكن الدهر دار دورته عند عودتنا إلى القاهرة فخسرناه وخرجنا من معترك الحرب مع الزمن بلا غالب ولا مغلوب.
توجهنا إلى البورد الذي فيه الفنادق لطلب التوصيل البيني ليأخذنا للفندق قتاجئنا أن الفندق يوصل صباحا وبعد العصر فقط بينما بين الظهر والعصر ليس أمامنا إلا طلب سيارة الأجرة وذلك ماحدث ولصغر المدينة فقد كان التوصيل للفندق وكان -قرب المطار- بعشرة دولارات فدفعناها وتوكلنا على الله .
وصلنا للفندق وكان على شارع يسمى ((red wood road)) ويسمى فندق ((Quality Inn hotel)) وكان أشبه بمنتجع هاديء جدا ويقع على شارع حيوي ولكنه في منطقة راقية وهادئة ونائية نوعا .
دخلنا وأعطيناهم الفاوتشر وعملنا إجراءات الدخول وكانت الابتسامة تقابلنا إينما توجهنا وبكل الود حيونا وتوجهنا إلى غرفتنا ذات المطل الجنوبي الفاتن الذي نرى من خلاله تلك الجبال البيضاء التي استهواني النظر إليها فأخذت أحدق فيها قرابة النصف ساعة - إي والله - وما مللت من منظرها ولا تشاغلت بغير النظر لذلك المنظر الأخاذ كيف لا وأنا ابن الجبال ولكن شتان بين جبالنا وجبالهم ، فجبالهم كأنها قد لبست الفضة فأخذت لمعانها واكتست البياض فكأنما خيل إلينا أننا في إستعراض للطبيعة لا نملك إلا أن نسبح الخالق الذي أبدع الجمال وعلق النفوس بتتبع مكامنه والهيام به.
لم أستفق ياسادة والله إلا بعد أن شعرت بقشعريرة في جسمي والبرودة تسري في أوصالي جراء تعرضي للهواء البارد ولكنه في الحقيقة ذو برودة منعشة لعطشى أمثالنا ممن غادروا بلادهم وأوطانهم ودرجة الحرارة تداني الأربعين بل الخامسة والأربعين وإذا بهم بين ليلة وضحاها يعيشون النقيضين.
ياااااااالله ما أجمله من شعور وما أجملها من لحظات تتجلى فيها أنفاس الطبيعة فتتخدر نفوسنا أمام المناظر الآسرة في ذلك الجو الهاديء والحالم .
كان أكثر مانحمل همه هو الأكل الحلال ولكن من تيسير الله لنا في هذه الرحلة أيها الاخوة أن مطعم الفندق مستأجره شخص مسلم أمريكي من أصل باكستاني إسمه طارق ويعمل هو عائلته في المطعم فوالله كأنما أزاح عنا عناءا كبيرا بوجود من تطمئن إليه نفسك وقد تكفل بأكلنا كل المدة التي تواجدنا فيها في سولت ليك فلله الحمد والمنة على تياسيره التي رافقتنا طوال رحلتنا .
الفندق من الفناء
صورة من أمام الفندق
أيها الكرام لعلي قد أسهبت فأتركم الآن في رعاية الله وحفظه
وعين الله ترعاكم
محبكم / صلهوب
***
وقفنا وإذا رأئينا تكأة بين الأشجار وقفنا بها لأن الوقوف أكثر مايثير العربي فيقف على الأطلال ويقف على ديار الأحباب ..
وأضيف من عندي : ويقف في طابور الجمعية ويقف أمام الدوائر الحكومية ويقف أمام الاشارات المرورية ويقف للسادة الكُباريَة يقف العربي طوال حياته وبعد ذلك يموت كالأشجار التي تمت واقفة ، أهلا وسهلا بصديقنا أبو صهيب ومن المحزن أن تكون هذه الومضات قد انتهت بهذه السرعة إلا إن كان صاحبها يريد أن (يعديها) وهي تعدي ، يبدو أن الفكر مشغول وأن الوقت لا يسعفك كي تطيل زيارتك لنا لكن وفقك الله أينما يممت وجهك يحفظك الرحمن ..
السلام عليكم ...بارك الله فيك اخوي ابو صلهوب ... تقرير ماشاء الله جميل وصور فيها من الابداع الكثير... تنم عن بداع صاحبها ...وسلوبه الطيب في العرض والسرد ... حقيقه مستمتعين علي الاخر بما سبق عرضه .... ومشتاقين ومتلهفين للقادم الذي سيكون بذن الرحمن اجمل واحسن