واصل بن عطاء، شخصية تكمن أهميتها في تأسيس فرقة المعتزلة التي لعبت دوراً مهماً في التاريخ الإسلامي وخاصةً خلال الخلافة العباسية، وسجل لها التاريخ مواقف عديدة في الدفاع عن العقيدة الإسلامية ومناظرة الفلاسفة من مختلف الديانات سواء أهل الكتاب أو أصحاب الديانات الفارسية والهندية القديمة، خاصة ً المشككين في العقيدة الإسلامية، والذين أثاروا العديد من الأسئلة حول القدر والذات الآلهية والقرآن.
هدفي من تناول هذه الشخصية ليس الترويج لفرقة المعتزلة وإنما التعرف على أهم أفكارها وأنجازاتها والمآخذ التي أخذت عليها، وخاصةً وأننا نعبش في أيام زاد فيها الهجوم على الإسلام، ولا يوجد من يتصدى لهم ويناظرهم إلا من رحم ربي،،،
19) واصل بن عـــــطاء
أبو حذيفة واصل بن عطاء، ولد في المدينة سنة 80 هجرية (لم أجد في المصادر التي قرأتها اي بيان لنسبه)، لقب بالغزال الألثغ، أو الغزّال الألثغ، وقيل الغزال لطول رقبته، وقيل الغزّال لأنه أعتاد أن يرتاد سوق الغزّالين في الكوفة ليتصدق على النساء النعففات، أما الألثغ لعلة في لسانه فكان ينطق الراء غيناً.
تتلمذ على يد عبدالله بن محمد الحنفية بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ثم أنتقل إلى العراق وهناك لازم الحسن البصري.
v واصل وحرف الراء:
عندما علم الناس بالعلة في لسان واصل، بدء خصومه بمحاولة إحراجه وجره للمناظرات علناً أمام الناس، لكن واصل بن عطاء كان خطيباً مفوهاً، وداهية في البلاغة وحسن البيان، ونقلت المصادر أنه دعي يوماً ليعظ الناس بحضور الوالي، فألقى خطبة فذة تجنب فيها حرف الراء بكل أقتدار، وهو من أكثر الحروف دوراناً في الكلام، بالرغم من إلتزامه بالأسلوب العام للخطب الإسلامية، وتكمن قيمة هذه الخطبة من الناحية التاريخية واللغوية في أنها نموذج على تطور فن الخطابة الإسلامي في القرن الثاني الهجري، مع التمكن بكل أقتدار من تجنب الكلمات التي يرد فيها حرف الراء والإتيان بمردافاتها في اللغة... وكان نصها كالتالي:
"الحمد لله القديم بلا غاية, والباقي بلا نهاية, الذي علا في دنوه, ودنا في علوه, فلا يحويه زمان, ولا يحيط به مكان, ولايؤوده حفظ ما خلق, ولم يخلقه على مثال سبق, بل أنشأه ابتداعاً, وعد له اصطناعاً, فأحسن كل شيء خلقه وتمم مشيئته, وأوضح حكمته, فدل على ألوهيته, فسبحانه لا معقب لحكمه, ولا دافع لقضائه, تواضع كل شيء لعظمته, وذل كل شيء لسلطانه, ووسع كل شيء فضله, لايعزب عنه مثقال حبة وهو السميع العليم, وأشهد أن لا إله إلا وحده لا مثيل له, إلهاً تقدست أسماؤه وعظمت آلاؤه, علا عن صفات كل مخلوق, وتنزه عن شبه كل مصنوع, فلا تبلغه الأوهام, ولا تحيط به العقول ولا الأفهام, يُعطي فيحلم, ويدعى فيسمع, ويقبل التوبة عن عباده, ويعفو عن السيئات ويعلم ما يفعلون، وأشهد شهادة حق, وقول صدق, بإخلاص نية, وصدق طوية, أن محمد بن عبدالله عبده ونبيه, وخاصته وصفيه, ابتعثه إلى خلقه بالبينات والهدى ودين الحق, فبلغ ملته, ونصح لأمته, وجاهد في سبيله, لا تأخذه في الله لومة لائم, ولا يصده عنه زعم زاعم, ماضياً على سنته, موفياً على قصده, حتى أتاه اليقين، فصلى الله على محمد وعلى آل محمد أفضل وأزكى, وأتم وأنمى, وأجل وأعلى صلاة صلاها على صفوة أنبيائه, وخاصة ملائكته, وأضعاف ذلك, إنه حميد مجيد.
أوصيكم عباد الله مع نفسي بتقوى الله والعمل بطاعته, والمجانبة لمعصيته, فأحضكم على ما يدنيكم منه, ويزلفكم لديه, فإن تقوى الله أفضل زاد, وأحسن عاقبة في معاد،ولا تلهينكم الحياة الدنيا بزينتها وخدعها, وفوائن لذاتها, وشهوات آمالها, فإنها متاع قليل, ومدة إلى حين, وكل شيء منها يزول, فكم عاينتم من أعاجيبها, وكم نصبت لكم من حبائلها, وأهلكت ممن جنح إليها واعتمد عليها, أذاقتهم حلواً, ومزجت لهم سماً،أين الملوك الذين بنوا المدائن, وشيدوا المصانع, وأوثقوا الأبواب, وكاثفوا الحجاب, وأعدوا الجياد, وملكوا البلاد, واستخدموا التلاد، قبضتهم بمخلبها، وطحنتهم بكلكلها،وعضتهم بأنيابها، وعاضتهم من السعة ضيقا، ومن العز ذلاً، ومن الحيلة فناء، فسكنوا اللحود، وأكلهم الدود، وأصبحوا لاتعاينُ إلا مساكنهم، ولا تجد إلا معالمهم، ولاتحسس منهم أحد ولا تسمع لهم نَبساً.
فتزودوا عافاكم الله فإن أفضل الزاد التقوى, واتقوا الله يا أولى الألباب لعلكم تفلحون، جعلنا الله وإياكم ممن ينتفع بمواعظه, ويعمل لحظه وسعادته, وممن يستمع القول فيتبع أحسنه, أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب، إن أحسن قصص المؤمنين, وأبلغ مواعظ المتقين كتاب الله, الزكية آياته, الواضحة بيناته, فإذا تلي عليكم فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم تهتدون.
أعوذ بالله القوي, من الشيطان الغوي, إن الله هو السميع العليم، بسم الله الفتاح المنان، قل هو الله أحد, الله الصمد, لم يلد ولم يولد, ولم يكن له كفواً أحد.
نفعنا الله وإياكم بالكتاب الحكيم, وبالآيات والوحي المبين, وأعاذنا وإياكم من العذاب الأليم.. وأدخلنا جنات النعيم.. وأقول ما به أعظكم, وأستعتبُ الله لي ولكم."
v واصل بن عطاء وبشار بن برد:
ربطت واصل بن عطاء والشاعر بشار بن برد علاقة صداقة، وعندما أستمع بن برد لخطبة بن عطاء قال فيه يمدحه:
تكلّف القول والأقوام قد حلفوا *** وحبّروا خطباً ناهيك من خطب
وجانب الرّاء ولم يشعر به أحد *** قبل الصفّح والإغراق في الطلب
لكن بعد أتهام بن برد بالزندقه، قطع بن عطاء علاقته به لما ظهر من مما يخالف عقيدة واصل، فهجاه بن برد قائلاً:
مالي أشايع غزّالاً له عنق *** كنقنق الدَوّ إن ولى وإن مثلا
عنق الزرافة ما بالي وبالكم *** تكّفرون رجالاً! كفّروا رجلاً
v واصل بن عطاء والخوارج:
عُرف عن الخوارج أنهم كانوا يغتالون كل من يخالفهم، وهددوا بن عطاء بالقتل، ونقل الرواة أن واصل بن عطاء أقبل في رفقة فأحسّوا بالخوارج ، وكانوا قد أشرفوا على العطب، فقال واصل لأهل الرفقة : إنّ هذا ليس من شأنكم فاعتزلوا ودعوني و إيّاهم ، فقالوا : شأنك... فقال الخوارج له : ما أنت و أصحابك؟ قال : مشركون مستجيرون ليسمعوا كلام الله ، ويقيموا حدوده فقالوا : قد أجرناكم ، قال : فعلّمونا أحكامه ، فجعلوا يعلّمونه أحكامهم ، وجعل يقول : قد قبلت أنا ومن معي ، قالوا: فامضوا مصاحبين فإنّكم إخواننا ، قال لهم : ليس ذلك لكم. قال الله تعالى : ( وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ المُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتّى يَسْمَعَ كَلامَ اللّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ) ( التوبة / 6 ) فأبلغونا مأمننا فساروا بأجمعهم حتّى بلغوا الأمن.
v من فقه واصل:
كان يقول: " أراد الله من العباد أنّ يعرفوه ثمّ يعملوا ثمّ يعلّموا، قال الله تعالى (يا مُوسى إنّي أَنَا اللّهُ) فعرّفه نفسه ، ثمّ قال: (اخلَعْ نَعْلَيْكَ) ( طه / 12 ) فبعد أنّ عرّفه نفسه أمره بالعمل قال: والدّليل على ذلك قوله تعالى: ( وَالعَصْرِ * إِنَّ الإنْسَانَ لَفِي خُسْر * إلاّ الَّذِينَ آمَنُوا ـ يعني صدقوا ـ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَ تَواصَوْا بِالحقِّ وَ تَواصَوْا بِالصَّبْرِ) علموا و عملوا و علّموا.
ونقل عن زوجة واصل أنها قالت: " كان واصل إذا جنّه اللّيل صفّى قدميه يصلّي ولوح ودواة موضوعان ، فإذا مرّت به آية فيها حجّة على مخالف ، جلس فكتبها ثمّ عاد في صلاته".
توفي واصل بن عطاء سنة 131 هجرية، قيل بالمدينة مسقط رأسه وقيل بالعراق، بعد أن كون فرقة قوية لها أتباع في مختلف أصقاع العالم الإسلامي.
لم يحسم المؤرخون بداية ظهور الفكر الأعتزالي، فمنهم من نسبه إلى الإمام علي رضي الله عنه، عندما أعتزل أمور السياسة بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وتفرغ للتفقه في الدين، ومنهم من نسبه إلى الصحابة الذين أعتزلوا السياسة في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه، كأبي ذر الغفاري وسعد بن أبي وقاص وأسامة بن زيد رضي الله عنهم.
إلا أن المعتزلة كفرقة فكرية بدأت عند دخول أحدهم للحسن البصري ليسأله عن منزلة مرتكب الكبيرة، في ظل أفكار الخوارج التكفيرية وآراء المرجئة المبتدعون ، وتفكّر الحسن البصري في الإجابة، وقبل أن يجيب أجاب تلميذه واصل بن عطاء، بأن مرتكب الكبيرة في منزلة بين المنزلتين (الكفر والإيمان)، ثم قام وأعتزل إلى أحد أعمدة المسجد وأنضم له جماعة من أصحاب الحسن ليوضح له فكرته، فقال الحسن البصري" أعتزل عنّا واصل" فسمي هو وأصحابه معتزلة.
ومن هذا الموقف يتضح أن الفرقة نشئت بجوابها عن سؤال شغل بال المسلمين في تلك الفترة بعد الفتن المتكررة بين المسلمين، وقتل المسلمين بعضهم بعضاً، فقد قام الخوارج على سبيل المثال بتكفير الإمام علي ومعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهم، لأنهم سفكوا دماء المسلمين ولم يعملوا بكتاب الله عز وجل، فيما قال مرجئة البدعة بأنهم بأن مرتكب الكبيرة يعذب في النار بقدر آثمه ثم يخرج منها للجنة فهو مؤمن فاسق... وهذه تأويلات غريبة للفرقتين، فظهرت المعتزلة وقالوا بوجود منزلة بين المنزلتين، فمرتكب الكبيرة فاسق ولكنه لا يخرج من عباءة الإسلام، وهذا الرأي رفضه جمهور الفقهاء السنة، وحتى أئمة الزيدية في القرن الرابع تراجعوا عن تبني هذا المبدأ، فيما أتفق الشيعة الإمامية مع المعتزلة في هذا الرأي.
v أصول المعتزلة:
وكغيرهم من الفرق الإسلامية لم تظهر أصول فكرهم بشكلها النهائي إلا في مراحل لاحقة ([1])، بعد أن أكتمل فكرهم ونضجت تجربتهم، وأهم أصولهم التي تتشابه مع بعض أصول الشيعة الإمامية وغيرهم من الفرق الإسلامية الأخرى، ولكن هذا لا يعني بأنهم معتزلة، فالمعتزلي يجب أن يؤمن بكل أصول المعتزلة: 1- التوحيد: لله سبحانه وتعالى، مع نفي الصفات والتجسيد الآلهي.
2- العدل: فالله سبحانه وتعالى عادل ولايظلم عباده.
3- المنزلة بين المنزلتين: وهما الكفر والأيمان، فمرتكب الكبيرة إذا مات دون توبة فهو خالد في النار.
4- الوعد والوعيد: وهما أمران نافذان من الله عز وجل فالمصيب ينال الثواب والمخطأ ينال العقاب، ولا عفو من الله سبحانه وتعالى دون توبة صادقه من العبد.
5- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: وهو الأصل العملي الوحيد بين أصولهم الأخرى النظرية، وقد حرص المعتزلة على ملاحقة الزدناقة والفسّاق، والدفاع عن العقيدة الإسلامية بالتصدي للملحدين وأصحاب الديانات الأخرى.
كانت المعتزلة وسطاً بين الخوارج والأشاعرة في آرائهم، فهم لم يرضوا بتشدد الخوارج وعملهم بظواهر أحكام الشريعة، ولم يرضوا بفكر الأشاعرة الفلسفي.
أما من ناحية الأصول فهم أقرب ما يكونون للشيعة الإمامية (وأن كان الإمامية هم من تأثروا بهم وأخذوا عنهم، فأئمة آل البيت من الحسينيين لم تربطهم أي موده بواصل وأصحابه بسبب رأيه في الإمام علي رضي الله عنه) حتى قيل قديماً أن كل شيعي هو معتزل وكل معتزل هو شيعي، وفي حقيقة الأمر أن واصل بن عطاء بالذات قد ألقى باللوم على الإمام علي رضي الله عنه فيما وقع في معركة الجمل وصفين (وهذا في رواية، والرواية الأخرى تقول بأنه قد وضع اللوم على طرف ٍ واحد دون تحديده)، في حين أتفق جمهور الفقهاء من السنة والشيعة على أنه كان على حق، مستشهدين بالأحاديث النبوية الصحيحة، وخاصةً الحديث الذي يخص عمار بن ياسر رضي الله عنه، حين قال له الرسول صلى الله عليه وسلم " تقتلك الفئة الباغية"، وقد عدّل المعتزلة الذين جاؤوا بعده موقفهم من الإمام علي رضي الله عنه.
أخذ عليهم العلماء تقديمهم للعقل على أحكام الشريعة الإسلامية، وأن صح ذلك عنهم فأعتقد أن الأمر لا يخرج عما تبناه الإمام زيد بأهمية العقل في فهم وإدراك وجود الله تعالى والدين.
v دور المعتزلة في الفكر الإسلامي:
وجود المعتزلة وأن لم يبرز دورهم بشكل واضح ألا خلال الخلافة العباسية، ألا أنه أسهم بلا شك في الدفاع عن العقيدة الإسلامية والرد على المشككين في الدين الإسلامي من أصحاب الديانات الأخرى، وحتى من المسلمين أنفسهم والذين آثاروا العديد من القضايا كالقدرية والجبرية، وغيرهم الكثير، وبالرغم من أن المعتزلة كفرقة فكرية أدينت من قبل عامة الناس، وأخذت عليها العديد من المآخذ، ألا أن هذا لا يقلل من أهمية دورهم الذي نما مع نمو الحضارة الإسلامية وتراجع بتراجعها، وفي هذا دليل على أن هذه الفرقة هي فرقة فكرية علمية نمت بنمو الحضارة الإسلامية ووصلت ذروتها في عهد المأمون، ثم تراجعت وأضمحلت بتراجع الحضارة الإسلامية.
وكان المعتزلة هم أول من خاضوا في قضية العقل، ودوره في التعرف على الشرع، وأحكامه ونواهيه، " يقول قاسم الرّسي: ثلاث حُجج أحتج بها المعبود على العباد وهي: العقل والكتاب والرسول، والعقل أصل الحجتين الأخيرتين لأنّهما عُرفا به، ولم يعرف بهما" ([2])، وهذا لايعني أن العقل مقدم على الكتاب، بل أن العقل البشري هو الأداة التي يستخدمها الأنسان ليعرف أن الكتاب هو من عند الله، وأن الرسول موحى إليه من عند الله، ولولا العقل لما تمكن الأنسان من أن يعي هذه الأمور، فالله سبحانه وتعالى أودعنا العقل لنتعرف بالعقل إليه وإلى أوامره ونواهيه التي أنزله في كتابه، أو أوحى بها لرسوله، فهو حجة على الأنسان، ومن البديهي أن لايأتينا الشرع بما يناقض العقل، وأن أشتبهت على الأنسان أمور في النصوص الشرعية، فإن العقل سيوصله لفهمها بالطريقة الصحيحة. جاء بعدهم بقرون الفيلسوف الفرنسي ديكارت ليتحدث عن العقل ودوره في أستيعاب حياة الأنسان، فسمعه الناس وصفقوا له ولنظرية الشك، ويبدون أن من يستشهد بديكارت من المسلمين اليوم لم يطلع على فكر المعتزلة.
v المعتزلة وقضية خلق القرآن:
قال المعتزلة (وهم معتزلة بغداد في القرن الثالث الهجري) بأن القرآن مخلوق في محاولة للرد على النصارى الذين أستشهدوا بما ورد في القرآن بأن المسيح عليه السلام، هو كلمة الله ألقاه إلى مريم عليها السلام، فهي دليل على كون المسيح عليه السلام يتمتع بصفات آلهية وهو ابن الله (والعياذ بالله)، فقرر المعتزلة بأن القرآن مخلوق منذ الأزل ليردوا على ادعاءات النصارى... (الموضوع معقد أكثر من ذلك ويحتاج لكثير من الشرح والتفصيل، ولا يتسع المجال لذلك هنا)، وقد حظي هذا الرأي بدعم الخليفة العباسي المأمون الذي عين المعتزلة في أعلى المناصب وتأثر بفكرهم، في حين خالفهم الإمام أحمد بن حنبل مستشهداً بأراء الفقهاء ممن سبقوه وممن عاصروه، فوشوا به للمأمون الذي حاول أجباره على تغيير رأيه، وزج به في السجن.
هذه القضية كانت أهم ما أثار الناس ضد المعتزلة، ولكنها لا تلغي دورهم في محاكمة المرتدين عن الإسلام ومناظرة المشككين في الإسلام والتغلب عليهم.
نجد في أيامنا هذه من يصف العلمانيين بأنهم المعتزلة الجدد!! وفي هذه ظلم كبير للمعتزلة القدامى، فشتان بين هؤلاء وأولئك... فالقدامى أصحاب فكر يهدف إلى إثبات سيادة وهيمنة الإسلام، أما الجدد فأنهم أصحاب دعوات التغريب والحداثة ونبذ كل ما هو يربطنا بماضينا وحضارتنا،،،
فرقة المعتزلة، محطة قررت التوقف عندها لنتعرف على نوع الفكر الذي كان سائداً في القرن الهجري الثاني، ولنوضح العلاقة بينهم وبين الأئمة والفقهاء الذين برزوا في نفس الفترة الزمنية... أرجو أن كون وفقت في تقديمهم لكم،،،
[1]) ) – وهي لا تخرج عن آراء واصل بن عطاء الأساسية. [2]) ) – الفرق والمذاهب الإسلامية – سعد رستم – ص 93.