(كدت أن آكل البرسيم مع البقر)
الأحد 11/7/2010م
كان ترتيبنا أن نذهب إلى بحيرة ومرتفعات (بيرشمبا يايلا) واتفقنا على أن يتم لقاءنا بالقرب من نكسار فيأتي أبو صهيب وماجد القطري من أكوش إلى نكسار في الثانية عشرة ظهرا ثم ننطلق إلى (بيرشمبا) يقودنا أبو صهيب ، وكان منظر القافلة التي تتكون من ثلاثة سيارات غير مألوف بالنسبة لسكان تلك القرى التي مررنا بها ونحن ذاهبون للبحيرة ، سيارة أبو صهيب (الهوندا) الجيب وسيارة ماجد القطري (الأرمادا) وسيارتي (السانج يونج) وجميع هذه السيارات ليست من النوع المألوف في ولاية توكات وأورود وما حولهما ..
أفطرنا كالعادة ولأنه كان يوجد لدينا وقت قبل موعدنا مع أبو صهيب فلقد أخذنا نتجول في مدينة نكسار ثم عدنا إلى الفندق للراحة فلقد بقي ساعة قبل الموعد المتفق عليه ، وكان أبو صهيب قد اخبرني انه سوف يتصل بي قبل وصوله إلى نكسار هو ماجد القطري بثلث أو ربع ساعة حتى أوافيهم إلى المكان الموعود .. ثم تذكرت إنني لم أملأ خزان الوقود بالديزل فطلبت من أهلي أن يتجهزوا بسرعة للخروج كي نذهب إلى محطة (نوري) من أجل الوقود فلم يبقى على موعدنا مع أبو صهيب إلا وقت قصير ، وبالفعل أتاني إتصال أبو صهيب يخبرني أنه قريب من نكسار وأنه سيصل إلى المكان المتفق عليه في الساعة الثانية عشرة أو الثانية عشرة وأربع دقائق ( إنظر إلى الدقة في المواعيد) أخذت اطارد الوقت حتى لا أتأخر على موعدنا فأبو صهيب لا يتساهل إطلاقا في ضرورة التقيد بالمواعيد .. بعد أن تحركت من محطة (نوري) باتجاه المكان الموعود وإذا باتصال أبو صهيب : أين أنت؟ نحن ننتظرك ( ياللمصيبة؟) ، حاضر حاضر يا أبو صهيب أنا قريب أحتاج بضعة دقائق للوصول إليكم وضغطت دواسة الوقود بأقصى قوة للوصول بأسرع ما يمكن وفي الطريق التقطت ابنتي صورة أشهر معلم من معالم نكسار :
https://www.travelzad.com/photo/files/336766.jpg
نعم إنه معلم يشرح ما تشتهر به هذه المدينة ، مياه نكسار الطبيعية التي تشرب منها ولا تمل ، رأيت صورة هذا المعلم في تقرير أحد الأعضاء وأنا أعد لرحلتي واعتقدت أن الصورة لزجاجة من زجاجات لبن الآيران ولكن اتضح أنها مياه صحية ذات جودة عالية وطعم زلال توجد في نكسار ..
وصلت إلى المكان المتفق عليه في الساعة الثانية عشرة وعشر دقائق أي تأخير ستة دقائق كاملة ووجدت أبو صهيب وماجد القطري ينتظرانني ، وهذا التأخير يعتبر في عرف أبو صهيب ذنب عظيم لو تكرر للمرة الثانية فعقابه أن يذهب إلى وجهته ولا ينتظرني! الإلتزام بالوقت شرط من شروط الصحبة ، غير كذه يفتح الله ، إذا كنت لا تريد أن تلتزم بالوقت معي فلا تؤخرني عن عملي وتضيع علي وقتي .. اتبعت مع أبو صهيب بعد ذلك طريقة المثل الإنجليزي الذي يقول : إذا لم تستطع الحضور في الوقت فاحضر قبل الوقت ، لذلك أصبحت أتواجد قبل الموعد المتفق عليه بعشرة دقائق على الاقل ..
كان الطريق الذي اتخذناه مختلف التضاريس فهو يمر بأشجار كثيفة تظهر بعدها بحيرة جميلة على يمين الطريق ، ثم تظهر أرض منبسطة نوعا ما ثم تبدأ في الصعود إلى المرتفعات ثم تمر بعدة قرى ثم تصل إلى منطقة مرتفعة لكنها منبسطة في نفس الوقت وهنا صورة لنهاية الطريق قبل البحيرة بكيلومترات معدودة وتظهر في الصورة سيارة ماجد القطري :
https://www.travelzad.com/photo/files/336767.jpg https://www.travelzad.com/photo/files/336768.jpg
بعد ذلك ظهر منظر ما زال يؤثر فيني حتى الآن ، قد يكون هذا المنظر رآه البعض ممن زار اوروبا لكنها بالنسبة لي كانت المرة الأولى التي أشاهد فيها منظر السهول المنبسطة الممتدة أمامي بمثل هذه الروعة ، جبال وتلال تتلوها تلال على مدى كيلومترات عديدة يملأها العشب والمرعى لدرجة أنني دخلت من شدة الذهول في حالة أطلقت عليها مصطلح :(تيمبرري نيتشر شيزوفرينيا) أو بالعربي جنون الطبيعة المؤقت وهي حالة تنتابني عندما أرى منظرا طبيعيا خلابا أراه لأول مرة في حياتي ، حدثت هذه الحالة معي مرة في بورصة في رحلة مع أعضاء الزاد عندما رأيت الثلج لأول مرة في حياتي فظهرت مني هذه التصرفات :
https://www.travelzad.com/photo/files/336769.jpg
(جنون الطبيعة المؤقت تظهر واضحة في رحلة سابقة لنا إلى بورصة مع بعض أعضاء منتدى زاد المسافر)
https://www.travelzad.com/photo/files/336770.jpg
(حالة أخرى من الجنون في صراع مع أحد أعضاء زاد المسافر فوق الثلوج وهذه صورة تنشر لأول مرة)
لكن في مرتفعات (بيرشمبا يايلا) كانت الحالة عبارة عن رغبة شديدة في النزول من السيارة وأكل البرسيم مع البقر! .. منظر المراعي الممتدة على مساحات شاسعة كان منظرا هزني من الأعماق ، كانت صورة العشب مشهية للغاية وهي رطبة مبتلة من اثر سقوط الأمطار لدرجة أنني حسدت البقر على النعمة التي يتقلب فيها .. وهذه بعض الصور لتلك السهول الجميلة الرائعة وأحمد الله انني لم أتهور واستطعت كبح جماح نفسي حتى لا تلتقط لي صورة وآنا منكب على العشب بجانب بقرة أشاركها طعامها اللذيذ :
https://www.travelzad.com/photo/files/336771.jpg
(سبحان الله ، يأسرني منظر المراعي والسهول الخضراء ، يوجد في أعلى الصورة من جهة اليسار قطيع من الخراف يرعى في هدوء)
https://www.travelzad.com/photo/files/336772.jpg
( سيارة ماجد القطري في الأمام وخلفها مباشرة سيارة أبو صهيب وأنا في المؤخرة أحاول أن أسجل هذه اللحظات التاريخية لسهول بيرشمبا يايلا)
https://www.travelzad.com/photo/files/177266.jpg
( آثار النعمة والصحة والشباب ظاهرة على هذه البقرة التي ورغم صغر حجمها إلا أنك تود أن تقبلها من شدة جمالها أو تشاركها طعامها من باب أن يكون لك معها عيش وملح في سهول بيرشمبا يايلا)
https://www.travelzad.com/photo/files/336774.jpg
( أنا آسف ، لا يكون زعلتك؟ بلاش عيش وملح ، خليها ماء وعشب)
https://www.travelzad.com/photo/files/336775.jpg
( آسف لأنني اقتحمت عليكم خلوتكم ، ما شفت أي لوحة تدل على أن هذا مكان البقرات ، ممكن تدلوني على مكان تواجد الثيران؟)
https://www.travelzad.com/photo/files/336776.jpg
( في الطريق إلى البحيرة وما زال لدي رغبة في أن أوقف سيارتي وأنزل كي اتناول بعضا من البرسيم لكني تعوذت من الشيطان الرجيم)
https://www.travelzad.com/photo/files/336777.jpg
( يا لسعادتكم أصحاب تلك المنازل المتناثرة فوق تلك السهول ، لا أمراض ولا تلوث ولا إزعاج ، طعام طبيعي وحليب طبيعي وخبز طبيعي وماء ينزل من السماء وأنهار وأبقار فالحمد لله العزيز القهار نسأل الله الجنة ونعوذ به من النار)
https://www.travelzad.com/photo/files/336778.jpg
وصلنا إلى البحيرة وكانت هذه أول الصور لها من الأعلى قبل أن نوقف سياراتنا بجانب البحيرة وننزل لأداء الصلاة في المسجد الملاصق للبحيرة قبل أن نتوجه لتناول طعام الغداء في أحد المطاعم المنتشرة بكثرة والتي تقدم لحم الضأن الذي تغذى على تلك السهول والمراعي التي رأينها منذ قليل وهذه بعض الصور للمطعم :
https://www.travelzad.com/photo/files/336779.jpg
(الذبائح التي كانت ترعى في تلك المراعي الخضراء معلقة تسر الناظرين)
https://www.travelzad.com/photo/files/336780.jpg
( الطاولة التي جلسنا عليها لتناول المشاوي وكانت عائلاتنا في الجهة الأخرى من المطعم )
https://www.travelzad.com/photo/files/336781.jpg https://www.travelzad.com/photo/files/336782.jpg https://www.travelzad.com/photo/files/336783.jpg
( اليوم الأحد والقرية مليئة بالمرتادين لكننا علمنا أن الإزدحام سوف يكون اشد بعد حوالي عشرة أيام عندما تبدأ فعاليات مهرجان المصارعة السنوي الذي تنظمه البلدية بالقرب من هذا المكان )
https://www.travelzad.com/photo/files/336784.jpg https://www.travelzad.com/photo/files/336785.jpg
( أول دفعة من المشاوي وسوف تتبعها دفعات فلقد كان عددنا 15 فردا كبار وصغار)
اتجهنا بعد ذلك إلى البحيرة لركوب القوارب ومن ثم الجلوس على المقهى الملاصق للبحيرة لتناول المشروبات والآيسكريم وإطعام الاوز الجائع على الدوام وهذه بعض الصور :
https://www.travelzad.com/photo/files/336786.jpg https://www.travelzad.com/photo/files/336759.jpg
( في الطريق إلى المقهى الملاصق للبحيرة لركوب القوارب وحديث بيني وبين أبو صهيب حول الإمكانيات السياحية لهذا المكان الذي لا يكاد يعرفه إلا القليل من زوار الشمال التركي ، لم أقابل عربي واحد في هذا المكان ولا حتى أوروبي بل إن أغلب المتواجدين كانوا من الأتراك لكن الترحيب ورد السلام يشعرك بالطمأنينة والسعادة فلا مضايقات والأسعار في متناول الجميع )
https://www.travelzad.com/photo/files/336787.jpg
( الاستعداد لركوب القوارب وأخذ جولة في البحيرة الكبيرة التي لا ترى نهايتها )
https://www.travelzad.com/photo/files/336788.jpg
(أسراب الإوز كانت تملأ البحيرة ، تأملوا في الصورة ماذا تلاحظون؟ .. كل أوزة تنظر في إتجاه مختلف يغطي الوجهات الأربع : شمال جنوب شرق غرب)
https://www.travelzad.com/photo/files/336789.jpg
( إطعام الإوز)
https://www.travelzad.com/photo/files/336790.jpg
( ما أجمله من منظر يسعد الكبار والصغار)
https://www.travelzad.com/photo/files/336791.jpg https://www.travelzad.com/photo/files/336792.jpg https://www.travelzad.com/photo/files/336793.jpg
(ماء وسماء وضباب وأشجار وأعشاب وجو لطيف ومسجد تؤدى فيه الصلوات ومقهى بسيط وجميل وقوارب وهدوء ماذا يريد الإنسان أكثر من هذا؟)
قضينا ساعات من أجمل ما يكون في هذا المكان الجميل الرائع الذي لا تنقصه الخدمات فيوجد فيه مسجد ودورات مياه ومطاعم ودكاكين تبيع المواد الغذائية والتحف ومناظر رائعة وأماكن للجلوس وصيد السمك من البحيرة وكنت أتمنى لو كان يوجد محل لتأجير الدراجات فسوف يكون من الجميل التجول بالدراجة حول المكان ، لكنني سمعت من أبو صهيب أن البلدية سوف تقيم فندقا في تلك المنطقة رغم انه يوجد فنادق بالقرب من البحيرة ولكنها ليست بذلك المستوى الراقي والمنطقة مقبلة على تطور عمراني وسياحي في السنوات القادمة .. وفي طريق عودتنا إلى نكسار كان لا بد من التوقف عند معلم من المعالم التي لا ينبغي المرور بها مرور الكرام وهو معلم حرصت على أن لا يفوتنا الاستزادة منه ، كما أن عيالي قد تعلقوا به فأصبح طقسا من الطقوس اليومية التي نؤديها طوال وجودنا في الشمال التركي وعند المرور بأي معلم مشابه :
https://www.travelzad.com/photo/files/336794.jpg https://www.travelzad.com/photo/files/336795.jpg
(نعم .. إنها البرادة التي يكثر تواجدها في الشمال التركي كأحد الأمور التي شدتني وجعلتني متعلقا بهذا البلد)
وفي طريق عودتنا مررنا بالبحيرة الصغيرة التي لا تبعد عن نكسار سوى 7 كلم تقريبا وكنت قد وضعت إحداثياتها في أول التقرير وهذه بعض الصور للبحيرة :
https://www.travelzad.com/photo/files/336796.jpg https://www.travelzad.com/photo/files/336797.jpg https://www.travelzad.com/photo/files/336798.jpg https://www.travelzad.com/photo/files/336799.jpg https://www.travelzad.com/photo/files/336800.jpg https://www.travelzad.com/photo/files/336801.jpg https://www.travelzad.com/photo/files/336757.jpg
( نقاش بيني وبين أبو صهيب حول طبيعة المكان وقرب هذه البحيرة من نكسار حيث يمكن قضاء وقت ممتع عندما يكون الجو مناسب والطبخ أو الشواء عند البحيرة)
https://www.travelzad.com/photo/files/336802.jpg
(الأستعداد للعودة إلى نكسار قبل مغيب الشمس بعد يوم حافل قضيناه في مرتفعات بيرشمبا يايلا)
عدت أنا والأهل إلى الفندق فيما واصل أبو صهيب وماجد القطري طريقهما نحو أكوش على أمل اللقاء في رحلة أخرى لزيارة معلم آخر ومنطقة اخرى ، وقبل عودتنا إلى الفندق مررنا على مطعم قريب لتناول العشاء ثم أتى دور شخصية هامة لا يمكن الاستغناء عنها هي هذه :
https://www.travelzad.com/photo/files/336803.jpg
( رغم أن الشاي والقهوة تقدم مجانا في الفندق إلا أن الشاي المحضر في غرفة الفندق له طعم آخر )
كوب من الشاي يعدل المزاج كي أستطيع أن أدون يومياتي عن هذه الرحلة كي لا انساها ، وهذه صورة لي وأنا منهمك في تدوين بعض رؤوس الأقلام عن هذه الرحلة :
https://www.travelzad.com/photo/files/336765.jpg
القاكم على خير وفي أمان الله ويوم آخر سعيد
يتبــــــــــــــــــــــــع قريبا بإذن الله