السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته
و الصلاة و السلام على خاتم المرسلين
للمرة الأولى أخالف رأي صديقي و دليلي الجيبي حيث أشار و نصحني بزيارة القلعة المخملية Kadefekaleفي منتصف النهار و خصوصا في تلك الأجواء الخريفية المفعمة بالصحو الجميل و هي هبة ربانية قلما نستمتع بها في مثل موسم الخريف...
إنها تسيطر على المدينة و عيونها الشامخة لا تفارقها...ماسكة ربوعها بقبضة من حديد..لا تبرح مكانها من على جبل باغوس حيث تهيمن على كل أرجاء المدينة بكل زهو و فخر...تتيح لزائريها مناظر بانورامية حية و ساحرة بألوان قزحية إذا ما صادفك بها غروب الشمس...
... أنشئت من قبل Lysimachus في عهد الإسكندر المقدوني الأكبر ...إنها القلعة المخملية. موقع سياحي ممتاز من وجهة النظر التي يمكن للمرء من خلالها التمتع بمناظر خلابة عامة للمدينة و خليجها بخضرة الجبال و زرقة المياه...
الوصول أيها الكرام الأعزاء إلى هذا المقصد جد هين من محطة الحافلات المتواجدة قرب ميدان كوناك إذ لا تبعد إلا بعض كيلومترات بتكلفة أقل من خمس ليرات على متن سيارة الأجرة لتحط الرحال على هذا المرتفع الشامخ، أما طريقي و الذي لا أنصح به كثيرا فكان شاقا إلا لمن له النفس الطويل و معتاد على صعود القمم،كانت هذه مهمة جد صعبة و متعبة بحكم الأزقة الملتوية و جد منحدرة التي تخترق حيا شعبيا بسيطا للغاية في ارتفاع لا منتهي شق نفسي و أخذ التعب مني مأخذا لا يوصف، لكن المتعة و التحدي كانا حاضرين و بقوة.
توجهت من خلق محطة القطار بشمانة مستعينا بخريطة المكتب الإرشادي السياحي و متابعا الأزقة الضيقة و الحاملة جلها أسماء مرقمة و كان الهدف المنشود الوصول إلى زقاق رقم 1011..إليكم الصور:
بعد وصولي لساحة القلعة التاريخية المخملية و التي جعل من وسطها أهالي الحي المحادي لها فضاء لقضاء أوقات فراغهم حيث النساء يبعن الهدايا التذكارية المصنوعة يدويا من أساور و قلائد و سجاجيد...الصور
مثلت هذه القلعة موقعا استراتيجيا و عسكريا مهما في الحقب الرومانية و البيزنطية حيث لا زالت بقايا الدبابات بجدرانها و التي استخدمت خلال هذه الأزمنة شاهدة عيان على ذلك، فضلا على أنه إبان الحكم العثماني استعملت صهاريج كخزانات لتزويد سميرنا بالماء و نلاحظ بقايا أسوار القلعة تدل على عظمة الإمبراطورية العثمانية و عهدها الزاهرو التي كانت خلال هذه الزيارة موضع ترميم.
بعد أخذ قسط من الراحة و في ظرف أقل من نصف ساعة بإحدى أسطح القلعة المشرفة على جانب كبير و مهم من إزمير بأعلى نقطة بالمرتفع، أثار انتباهي توافد على المكان العديد من الجنسيات المختلفة من إسبان و فرنسيين و أمريكيين و يابانيين...
نزلت عبر أدراج بين ازقة ذلك الحي حيث كان سري مريحا صوب حي نمازجة على مشارف شارع عصمان باشا..
بالدلالة التاريخية تعني كلمة أغورا فضاء واسعا تدار به جميع شؤون مناحي الحياة، فهو مجمع ذو أبعاد اقتصادية سياسية دينية قانونية أو بعبارة أوضح هو منتدى روماني قديم حيث المجال الممتع للتجول بين الأصدقاء او التناظر و التفلسف بين العباقرة و سن القوانين...
أغورا-سميرنا بنيت أصلا في عهد إسكندر المقدوني الأكبر و تعتبر من مناطق الجذب السياحي و القلب السياسي و الاقتصادي..تقع على سفح تلال باغوس على مسافة تقدر ب 120*80 متر، حيث تم اكتشافها من قبل علماء الآثار:الألمان و الأتراك بين عامي 1932 و 1941.أعيد ترميم أغورا من قبل ماركوس أوريليوس و ذلك بناء على طلب زوجته فوستيا على إثر وقوع زلزال مدمر و مهول سنة 178 قبل الميلاد و الذي قضي على أغلب معالمها، فرغم الحطام و الخراب الذي لحق بالموقع لازال 13 عودا رومانيا متماسكا و كذا بعض ملامح المؤسسات الديمقراطية و مكان يعتقد أنه كان مذبحا للقيصر الروماني...
في الختام تواجدك بهذه المدينة الرومانية الأبية و الأزلية ليس بعيدا عن ميادين إزمير المدينة الحاضرة، و إلا فحنطور أو سيارة الأجرة رهن إشارتك لكي تكتشف وسط المدينة بحديقتها الثقافية و هدا هو مقصدنا بالحلقة القادمة و الأخيرة من هده الإقامة الأزميرية..وجهتي الآن كانت الاستراحة بمسجد كوناك و اضرب لكم موعدا بميدان دوكوز أي أيلول-سبتمبر..لا تتخلفوا عن الموعد إذا كانت تروق لكم الفضاءات الخضراء..
تحياتي و السلام عليكم.