جولة تعريفية بعاصمة الإكوادور كيوتو وما حولها -رحال الخبر ECUADOR
به المبتدأ وبه المنتهى والحمد لله حمدا يوافي نعمه فهو الذي يسر لنا المسار والحمد لله على كل حال والحمد لله على توفيقه وامتنانه ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم والصلاة والسلام على اشرف الخلق نبينا محمد وعلى آله وصحبة ومن والاه
ثم أما بعد ...
فها أنا اليوم أسطر كلمات وأكتب عن رحلة جديدة ودولة تجولت خلالها فرأيت العجائب والنوادر التي اوجدها الباري عز وجل ، إنها بلد البراكين المتعددة والتي يبلغ تعدادها حسب ماتقصيت 78 بركان منها أقل من عشرة نشطة ، إنها الإكوادور دولة في أقاصي الأرض وفي الطرف الغربي من قارة أمريكا الجنوبية ،ولاشك أنها بعيدة كل البعد فهي في النصف المخفي بالنسبة إلينا من الكرة الأرضية ورحلتي إليها كانت من ضمن رحلة جامعة لعدة دول من دول أمريكا اللاتينية ، فكانت رحلة مميزة استطرد هنا لمنطقة واحدة وهي لجبال الانديز والعاصمة وماحولها فقط وأترك الباقي لوقت آخر.
إن لكل دولة من دول العالم ما يميزها عن غيرها ، وكذلك لدول أمريكا اللاتينية ولكن مادمنا هنا نتكلم عن رحلة الإكوادور فليكن كلامنا عنها وما لغيرها فله مكانه في وقت أخر إن شاء الله تعالى .
موقع الإكوادور من قارة امريكا الجنوبية
علم دولة الإكوادور وبوسطه شعار النبالة الذي يضعهم بقلب الوطن وحماته .
جمهورية الإكوادور Ecuador Equateur
هي إحدى دول أمريكا الجنوبية، وبالتحديد في الجزء الشمالي الغربي منها، تشترك الإكوادور في حدودها مع دولتين فقط فتحدها كولومبيا من الشمال، وتحدها بيرو من الشرق والجنوب، بينما تمتد سواحلها الغربية على المحيط الهادي.
خضعت الإكوادور كغيرها من دول هذه القارة لحكم المستعمر الاوربي وكان نصيب الأسبان هذه الدولة منذ القرن الخامس عشر الأفرنجي ، وقد قاموا بالاستيطان فيها لفترة من الزمن حتى نالت استقلالها في الرابع والعشرين من مايو 1822م.
ترجع كلمة إكوادور إلى اللغة الأسبانية وتعني "الاستواء" حيث تنتسب من خلال اسمها إلى خط الاستواء.
للإكوادور مميزات عديدة فمساحتها المتوسطة 283الف كم2 وعدد سكانها 13مليون نسمة والذين يتوزعون في مناطق محددة كالعاصمة كيوتو وقواياكيل وكوينكا كأكبر مدن الإكوادور ،كونها غير مأهولة كاملة نظراً لوجود جبال الانديز بالوسط وغابات استوائية ممطرة وكثيفة في السهول الشرقية والغربية مما يصعب السكن لكن رغم ذلك فالثروات التي تختزنها من بترول في الجنوب حول ثاني أكبر المدن الميناء الرئيس مدينة قواياكيل ومزارع الكاوكاو الوفيرة .
إن لغة الإكوادور هي الإسبانية لكن توجد لغة الكوتشوا الهندية القديمة متداولة في مناطق جبال الأنديز خاصة ، كما أن الديانة للغالبية هي الروم كاثوليك ويوجد الوثنية الهندية واليهودية والإسلام .
من الغريب هنا تعامل الإكوادور بعملة الدولار الأمريكي وهي عملة البلد الرسمية وليست الإكوادور فقط فبنما وبعض الدول الأمريكية تتعامل بالدولار، ولعل ذلك الأمر مردّه للضغوط التي تواجهها تلك الدول في إبقاء عملتها في توازن بين الموجودات وتناسبها في ضخ ما يوازيها من ذهب وأقتصاد ، فلم تجد من استبدال عملتها بالدولار بديلا للثبات رغم التبعية الامريكية .
من خلال تجولي بالإكوادور ومحاولة التعرف على أجناس وطبيعة سكان الإكوادور والذي كان مزيج من عدة أجناس، فمنهم البيض القفقاسيون من سلالة الإسبان وغيرهم من الأجانب الذين وفدوا إلى هذه البلاد واستوطنوها منذ عصر الكشوفات التي توالت على امريكا الجنوبية ، ومنهم الهنود الحمرمن السلالة المغولية سكان البلاد الأصليين ويشغلون إقليم الجبال والسهول الشرقية الغربية. أما المولدون ويطلق عليهم هنا أسم (المستيزو) فهم الغالبية بالإكوادور من السكان يصلون لنسبة 65% . وهناك جماعات الخلاسيين مختلطين ، والأفارقة السود وهم قلّة في هذا البل حيث نسبته لاتتعدى 5%د.
جغرافية الإكوادور:
تنقسم الإكوادور إلى أربعة مناطق جغرافية، يأتي في مقدمتها السهل الساحلي "كوستا" والذي يمتد على المحيط الهادي وهو يغطي ربع مساحة الدولة.
والمنطقة الثانية هي المرتفعات الوسطى أو سييرا وهي جزء من سلسة جبال الانديز والتي تمتد على شكل صفين هما ، كوردييرا الشرقية وكوردييرا الغربية وبين السلسلتين يوجد بركان كوتوباكسي الذي يعتبر واحداً من أنشط وأعلى البراكين في العالم 5.897 متر. السلسلة الغربية الأكثر ضيقاً والأشد ارتفاعاً، إذ تصل في أواسطها قمة جبل شمبورازو إلى 6270م
والمنطقة الثالثة تتمثل في الأدغال الشرقية والتي تغطي حوالي نصف مساحة الدولة وتحتوي على أندر البقاع بالعالم محمية ياسوني الطبيعية ، وتتكون من منحدرات خفيفة توجد إلى الشرق من جبال الأنديز.
أما المنطقة الرابعة فهي عبارة عن جزر الجالاباجوس وتضم داخلها ستة جزر كبيرة وتسعة جزر صغيرة والتي تضم العديد من القمم البركانية معظمها خامد، و تقع منطقة السيرا بين سلسلتين من سلاسل جبال الانديز
جزر جالاباجوس
مناخ الإكوادور
على الرغم من وقوع الأكوادور على خط الاستواء إلا أنني وجدت التباين في المناخ فالعاصمة بادرة طوال العام ومنطقة قوياكيل بالجنوب رطبة حارة الى معتدلة طوال العام وهناك مناطق رطبة حارة وهي السهول الشرقية وممطرة وكل هذا مردّهُ للمنطقة الجغرافية والارتفاعات، فنجد الجزء الغربي الذي يمر بمحاذاة الساحل حار رطب بشكل عام، بينما تزداد البرودة كلما اتجهنا للداخل على المرتفعات، ويسود المناخ المداري الأستوائي المناطق المنخفضة في منطقة أدغال حوض الأمازون.
ويبلغ معدل درجات الحرارة سنوياً نحو 26 درجة مئوية، أما في الوسط في جبال سييرا فتتراوح درجات الحرارة ما بين 7 درجات مئوية إلى 21 درجة مئوية وذلك على حسب الارتفاع، أما في مدينة كيتو التي يبلغ ارتفاعها فوق سطح البحر نحو 2.850 إلى 3000 مترا فإن درجات الحرارة بها تبلغ 13 درجة مئوية، و تعتبر منطقة الشرق أكثر دفئاً وأكثر رطوبة من الساحل وتبلغ درجات الحرارة بها 38 درجة مئوية.
وعلى هذا الأساس ممكن ان نصف الإكوادور بذات الثلاثة أقاليم مناخية:
إقليم المناخ الاستوائي النموذجي؛ الذي يتمثل في السهول الشرقية، وفي الأجزاء الوسطى والشمالية من السهول الساحلية وتلالها، وهي ذات 25 درجة متوسط للعام تقريباً، والمطر متواصل طوال العام ويشتد بالربيع والخريف .
ـقليم المناخ الاستوائي الجبلي؛ فهنا تقل درجة الحرارة الى التجمد عند ارتفاعات تزيد على 4000م، فتتساقط الثلوج بوفرة فوق هذه الارتفاعات، لتصبح قمم الجبال العالية التي يزيد ارتفاعها على 5000م مكللة بالثلوج، كما في جبل شمبورازو ويشملها العاصمة كيوتو فالمتوسط الشهري للحرارة في مدينة كيتو الواقعة على ارتفاع 3000م يراوح بين 12- 13 درجة مئوية. ولذا فهي تعيش ربيعاً دائماً، وأمطارها الدائمة الهطل أقل مما هي عليه في السهول.
إقليم المناخ شبه الصحراوي: الذي يسود في الزاوية الجنوبية الغربية السهلية المجاورة للبيرو من الجنوب، وللطرف الجنوبي من خليج قوياكيل من الغرب، حيث تسود أحوال مناخية شبه صحراوية،
نبذة تاريخية
يكاد تاريخ الإكوادور يتكرر للعديد من دول أمريكا الجنوبية ، وبالنظر لهذا التاريخ نجد أن الهنود هم السكان الأوائل للإكوادور والذين سكنوا البلاد على شكل مجموعات قبلية ، وعلى هذا فلم تأخذ الإكوادور صفة الدولة المستقلة إلا في عام 1830م. وللعودة قبل الأسبان عام 1450م كان يسكن الأحواض الجبلية من الإكوادور جماعات كثيرة من السكان الأصليين الذين يطلق عليهم اسم الهنود الحمر،وللمعلومة فقد وجدت تشابه كثير بينهم وبين سكان التبت من حيث الشكل وسكن الارتفاعات الجبلية عدا كونهم أقل طولا من التبتيين ، وكانت للإكوادوريين مملكة حاضرتها كيتو، ويخضعون لإمبراطورية الأنكا الواقعة في جبال البيرو ، وبعد وفاة إمبراطور الأنكا القوي (هواينا كاباك Huayna Capac ) حدث شقاق ونزاع بين ولديه، مما أضعف إمبراطورية الأنكا فغدت لقمة سائغة للمغامرين الأسبان الذين حطوا رحالهم عام 1526م على الشاطئ البيروفي، ليقضوا على إمبراطورية الأنكا ويفرضوا سيادتهم على البيرو في عام 1532م. وفي 6 كانون الأول عام 1534م تقدمت حملة من البيرو باتجاه الشمال بقيادة «سبستيان دي بينال كازار» لتستولي على كيتو وتدمرها وتقيم على أنقاضها مدينة جديدة.
ظلت الإكوادور خاضعة للحكم الأسباني لعدد من السنوات تقدر بـ 286 عام قام فيها الأسبان بإنشاء الكنائس والمباني كما أقاموا المزارع العديدة وسخروا الهنود من السكان الأصليين ليعملوا فيها بالإضافة إلي الأفارقة الذين جلبوهم من القارة الإفريقية للعمل في المزارع.
ومكثت الإكوادور تحت الحكم الأسباني حتى قام حكام المستعمرات الأسبانية بالمطالبة بالاستقلال مستغلين فترة الضعف التي حلت بأسبانيا بعد أن قام نابليون بونابرت الإمبراطور الفرنسي بغزوها، وفي عام 1822م قام الجنرال الإكوادوري (أنطونيو خوزيه دي سوكريه) بهزيمة الأسبان في معركة بتشنتشا وهي الواقعة بجبل بشينشا غرب كيتو والذي بني فيه الآن تلفريك (كيبل كار) يصعد لأعلى قمة الجبل ، وكانت تلك المعركة نهاية للحكم الأسباني في الإكوادور.
انضمت الإكوادور بعد استقلالها إلى اتحاد كونفدرالي أطلق عليه كولومبيا الكبرى، وضم هذا الإتحاد كل من فنزويلا وكولومبيا والإكوادور، ولكن انفصلت الإكوادور عن الإتحاد بعد ثمانية أعوام وأصبحت دولة مستقلة عام 1830م.
تعرضت الإكوادور بعد ذلك للعديد من الصراعات الداخلية من أجل السيطرة على الحكم، فوصل إلى الحكم في عام 1860م رجل قوي هو (غبرييل غارسيا مورينو) الذي حكم البلاد خمسة عشر عاماً، وأعقب ذلك فوضى أخرى مدة عشرين عاماً انتهت باستلام (فلافيو إيلوي الفارو)السلطة، وانتهى حكمه باغتياله في عام 1912م على يد زميله الجنرال ليوينداس بلازا غيتيرز. وفي عام 1925 كان الجيش قد أصبح قوة لا يستهان بها له دور في الإدارة السياسية.
وفي عام 1941م نشأ صراع بين كل من بيرو والإكوادور من أجل التنازع على الحدود بينهما وكانت نتيجة هذا التنازع أن استولت بيرو على عدد من الأراضي الواقعة في حوض الأمازون، وبعد عدد من الصراعات بين الدولتين أجتمع عدد من قادة أمريكا الجنوبية في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية وترتب على هذا الاجتماع إعطاء بيرو معظم الأراضي المتنازع عليها، وهو الأمر الذي لم يرضي الإكوادور نظراً لإيمانها بأحقيتها في هذه الأراضي، ونشبت حرب بين الدولتين بسبب نفس النزاع في عام 1995م وتم الفصل فيه في عام 1999م.
المدن والسياحة:
تتميز الإكوادور بطبيعتها الجميلة الساحرة والتي تتنوع ما بين الغابات الكثيفة والجبال البركانية بالإضافة للشواطئ الممتدة على المحيط الهادي، هذا إلي جانب العديد من الحيوانات النادرة التي تضمها الغابات، ويجد السائح الكثير من المتعة عند زيارته للإكوادور.
ويوجد في الجهة الغربية من البلاد عدد من الجزر القابعة في المحيط الهادي والتي تعرف بجزر الجالاباجوس والتي تتألف من 13 جزيرة كبيرة وعدد من الجزر الصغيرة المنتشرة حولها، وتعد جزر الجالاباجوس من أجمل المناطق الطبيعية ويوجد بها محمية طبيعية تضم العديد من الكائنات النادرة، وإحدى هذه الجزر جزيرة سانت كروز والتي تضم مركز أبحاث تشارلز داروين، ويستمتع السياح بالتجول بين الجزر المختلفة حيث الطبيعة الساحرة والكائنات البحرية والبرية النادرة.
والعاصمة (كويتو) الواقعة على قمم جبال الأنديز وموقعها بالشمال من الدولة وتقع على ارتفاع كبير نحو 3000 متر فوق سطح البحر وهي منطقة الهنود الأصليين وتشكل في تكوينها التضاريسي جملة من الجبال من سلسلة جبال الأنديز المرتفعة ويوجد في طرفها الغربي جبل (بشينشا) على أرتفاع 4100 متر وقد وضع في قمته التلفريك أو ما يسمى الكيبل كار ومن فوقه تكون إطلالة رائعة للعاصمة المتسعة الجوانب .
وللإكوادرو عدة مدن رئيسية وأكبرها وأغناها بالبترول والتجارة مدينة قواياكيل التي تقع في جنوب الدولة وتطل على المحيط الهادي كما أن نهرا كبيرا يحاذيها مع اللسان البحري الذي يشكل تكوين جميل لشكل المدينة .
كانت زيارتي للعاصمة وما حولها من أماكن مميزة وثم كانت الرحلة التالية لمدينة قواياكل الجنوبية وسأتحدث كما جرى برحلتي من تفصيل مصور وذكر أهم المناطق المميزة والطبيعية والتاريخية بالدولة .
بداية الرحلة :
في عصر يوم بديع ومن فوق الطائرة المتجهة لمطار كويتو ومن خلال المنظر البانورامي الذي أدهشني مع علمي بأن الدولة تقع على جبال الأنديز ولكن لم تكن الصورة مثلما رأيت من أعلى الطائرة حيث صفاء الجو ووضوح المعالم ورؤية المدينة المبنية على هضاب متلاصقة حيثما يوجد مساحة يكون هناك بناء وبكثافة فلم يترك مسطح واحد ألا وقد بني فيه وتلك المسطحات الخضراء اليانعة والحقول التي شكلت لونا بديعا من الخارطة البيئية الرائعة بمربعاتها ومستطيلاتها وأشكال أخرى من رسم رباني بديع .
كانت الغيوم الملبدة والتي تحجزها جبال الانديز بوابتنا للدخول إلى العاصمة كيوتو
أرض العاصمة جبيلة وعرة تكتنفها بعض الهضاب المستغلة كاملة للزراعة والسكن
كان المنظر واضحا لتضاريس صعبة تعطي معاني لجَلَدْ الإكوادوريين بعيشهم هنا
نرى كثير من المناطق غير صالحة للسكن أو الزراعة لصعوبة بلوغها
يتوضح هنا خلو بعض المناطق الصعبة جدا
ولكن ما ان يتسنى مكان إلا ويخطط ويمتلآ بالسكنى
تخطيط حديث وعمران منسق لعاصمة تاريخية من القرن14 ميلادي
وبحمدالله هبطت الطائرة لتحط في أرض المطار المحاط بالجبال
ولم تكن الصورة الأرضية بأقل من مثيلتها بالطائرة ولكن كانت أكثر روعة وجمالا وإبداع رباني لا أستطيع وصفه أبدا ولتكن الصور المرفقة أكثر تأثيرا وتعطي تصور لإعطاء هذا المكان حقه ومكانته المميزة التي يستحقها.
دخولنا لمطار كويتو:
هبطت طائرتنا مع ما صاحبها من مطبات هوائية مزعجة نظرا لارتفاع المنطقة ولكنها حطت بسلام في المطار الصغير نسبيا ولم يكن يتسع إلا لعدد قليل من الطائرات ومع ذلك فالمطار في حركة شبة مستمرة من إقلاع وهبوط كل دقائق معدودة ، دخلنا عبر الممرات والتي تشير إلى تطور ملحوظ في الاعتناء بالجزئيات وخاصة مكان الجوازات وغيرها رغم صغر المطار وحيث علمت لاحقا أنهم بصدد أو أنهم أنشئوا المطار الجديد الكبير والذي يتسع لعدد أكبر من المسافرين .
وها أنا اوثق نزولي وأقول الدعاء المأثور وهو مارواه النسائي واللفظ له والحاكم، وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وابن حبان في صحيحه عن صهيب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ير قرية يريد دخولها إلا قال حين يراها:
(اللهم رب السماوات السبع وما أظللن، ورب الأرضين السبع وما أقللن، ورب الشياطين وما أضللن، ورب الرياح وما ذرين، فإنا نسألك خير هذه القرية وخير أهلها، ونعوذ بك من شرها وشر أهلها وشر ما فيها.)
فهذا هو دعاء دخول القرية أو البلدة.
مطار منظم ومرتب وواجهة تعطي للزائر انطباع جميل للبلد
نافذة مكتب الحجز الذي كان منه حجز الفندق وسيارة الأجرة
كان الدخول سريعا بلا معوقات فدولة الإكوادور ترحب بكل غريب وبلا فيزة دخول وبعد الختم للجواز أستلمت الحقائب وإلى بوابة الخروج ، ومن الجدير ذكره أن دولة الإكوادور تتخذ عملتها بالدولار الأمريكي وكأننا في أمريكا وهذه لها قصة سأرويها خلال الرحلة ، فبعد مروري عبر البوابات للخروج والتي من خلالها وجدت ثلاث شبابيك إحداها لتأجير سيارة الأجرة التي تقلنا إلى وجهتنا داخل المدينة والأخريين يعملون كمكاتب لحجز الفنادق والسيارات واخترت واحدة لتكون منها حجز الفندق الذي سيكون مقر إقامتي خلال تواجدي بالعاصمة ، كانت الخيارات كثيرة فمنها فنادق الخمسة نجوم إلى النجمة الواحدة ،بل أنه يوجد اختيارات أخرى لأقل من النجمة الواحدة وهي الموتيلات والبنسيونات وتسمى الهوستل ومنها ما يكون مشتركا في الأسرة مع مجموعة من الرجال ومجموعة من النساء وهي هنا كثيفة ويختارها العديد من الشباب المرتحل لهذه المناطق وهم من أمريكا وأوربا ومن الرحّالة الذين يحملون عفشهم على ظهورهم ، وكوني أحب أن يكون مقر إقامتي خاصا ونظيفا ورخيصا في آن واحد فعادة أسكن فنادق ذات ثلاث نجمات وهي تكون معقولة السعر والنظافة والترتيب وكونها في وسط العاصمة قريبة من الأماكن التي ارتادها أو احتياجي لأشياء تكون أقرب للوصول .
استأجرت فندقا كان رائعا مع كونه من فئة الثلاث نجوم بسعر 45دولار أمريكي مع الإفطار وكان ذلك وبقي لي الخروج من المطار واتخاذ وسيلة للانتقال إلى فندقي.
المسير نحو الفندق:
لم يكن صعبا أن أجد سيارة أجرة للوصول إلى مكان الإقامة فعدد السيارات جيد وأجرتهم بسيطة فمسافة نصف ساعة بالسيارة وسط المدينة تكفي بثلاث دولارات فقط ولكنني كوني جديد فلم أعرف ذلك وقد حجزت بواسطة المكتب لإيصالي للفندق بقيمة عشرة دولارات وهي المبلغ الوحيد الذي دفعته والباقي كان مابين ثلاث إلي أربع دولارات فقط.
بعد الخروج من المطار والذي كان في وسط حي تجاري وسط العاصمة
صورة لحالة اجتماعية سيئة تتمثل في عمل الأطفال وهنا طفل يزاول تلميع الاحذية
من داخل سيارة الأجرة والاتجاه نحو الفندق
صورة متكررة هنا وفي كثير من دول أمريكا والرسم على الجدران والشخابيط
بعض تلك الرسومات بالجدران ترتقي للفن وللذوق العالي .
ركبنا بسم الله وعلى بركة الله السيارة لإيصالي للفندق وعبر طرق المدينة الجبلية وبناياتها التي لم تكن مرتفعة بل بسيطة ماعدا البعض في وسط المدينة ولكن لم يكن كما هو المعهود في بقية مناطق العواصم العالمية من بنايات شاهقة وارتفاعات متعددة ولكن اتساعها الكبير وبنائها على المنحدرات والوديان والمسطحات هو ما يميزها عن غيرها وخاصة تلك الصور من الطائرة أو من التلفريك من على جبل(بشينشا)
مررنا على العديد من الطرق المكتظة بالبناء ورؤية بعض السكان الأصليين من الهنود بقبعاتهم الفريدة وبلباس النساء المستور للبعض من القرويات ولكن التناقض العجيب من بعضهن وهن يلبسن الضيق جدا وبشكل فاضح بلا أي اعتبار للذوق العام ، وأظن حينما أتكلم عن الذوق العام فلا أظنه يعني بأي مكان سوى مكاننا الذي جئت منه وهي الجزيرة العربية والحمد لله ، فهنا وفي الكثير من دول العالم مسخت هويتها وتبدلت مبادئها بمرور الفكر التغريبي الأوربي والأمريكي لهذه المناطق وخاصة أنها لا تؤمن بدين ذا قيم واضحة ولو كانت تسمى كاثوليكية فالدين شكلي في طقوس أيام الأحد وفي لبس الصليب فقط، ولا تعتبر لمبدأ فحياتها العيش للعيش ليس إلا ، وأما احترام القانون فهو الخوف من العقاب ، وهذا لكثير مما أرى في المدن المكتظة بالسكان ولكن في خارج المدن وفي القرى والأرياف فالشكل العام يتبدل ليس لدينها إنما لمبادئ تقاليد القبلية لديها، وتنحو تلك المجتمعات القروية دائما إلى الاحتشام والحياء ولكنها ما إن تصل للمدن حتى تنسلخ من الحياء وتلبس رداء الخزي وكأنها في انفصام ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
مررنا على العديد من الطرق ورأيت التنظيم المتكرر في دول أمريكا اللاتينية وهو تنظيم المواصلات فالكثير من المدن لا تملك المادة لإنشاء قطارات المترو التي تسير تحت الأرض ولكنها تتخذ من الطرق العامة مسارات لا يطرقها إلا أتوبيسات النقل العام ولها مسارات محددة ومحطات وسط الطريق تكون تلك المحطات محاذية للطريق والدخول للمحطة برسوم بحيث تغني عن استلام الأجرة بالأتوبيس تفاديا للزحام والأتوبيسات لا تقف إلا في مكان مخصوص وكأنها قطارات في وسط الشوارع وهي فكرة رائعة تنفع في المناطق المزدحمة في حال تم إنشاء لها مسارات محددة لا تسبب زحاما ولا تتوقف هي في الزحام فتكون خيارا مقبولا من الناس باتخاذها وسيلة للمواصلات .
غرفتي بالفندق النظيف والمرتب
وبالإضافة لنظافته فهو ذو إطلالة رائعة على جبل بشينشا
من خلال النافذة كانت هذه الصورة لمنظر بديع
والفندق يحتوي على ساحة خارجية بسيطة فيها المطعم وجلسات على نافورة بسيطة
ويتصف بتصميم تراثي وطبيعي من الديكورات الخشبية
رغم صغر حجمه لكنه بتصميمه وهدوء المكان يبعث على الارتياح
أظنه كان عبارة عن فلّة ورتبت على ترتيب وتنسيق ليصبح فندقاً
وبعد الوصول للفندق والذي كان نهاية يومي الأول في العاصمة كيوتو، فالراحة والاغتسال وتعديل الخطط وترتيب الأولويات هو ما سأعمل عليه فيما تبقى لي من اليوم وبعدها النوم سيكون وقودي ليكون لدي باليوم التالي من القدرة في اكتشاف المنطقة وإعطائها حقها من التعريف والتوضيح والتصوير .