كلما حاولت الكتابة و جدت نفسي أدندن كلمات أغنية ليس لها علاقة بالموضوع لا أدري لماذا؟ هذه المرة وجدتني أردد أبيات الشاعر الكبير طلال الرشيد ( رحمه الله) رغم أنني لا أحفظ كلمات القصيدة كلها و لكن أعجبتني هذه الأبيات المغناه بصوت عبادي الجوهر:
اجمع كلام وما أعرف الإجابة *** وعندي شعور صدق والوقت كذاب
كل النجوم اللي امطرت من سحابه *** حبيبتي دمعك جرح قلب واتراب
واللي وقف ما بين بابي وبابه *** قلبٍ ظلام .. ولابس ثوب الأصحاب
عادة ما أخرج من هذا الجو المفعم بالمشاعر و العذابات المؤلمة بألبوم الصور الخاص بأسبانيا أقلب الصور و استرجع الذكريات الجميلة استوقفتني صورة جميلة لطليطلة كنت أبدو فيها متعبا منهكا و علامات النعاس بادية علي وصورة أخرى لي ممسكا بكتاب سياحي أبدو مسرورا ... طليطلة ثاني مدينة أزورها بعد مدريد و أخفي في قلبي لها عشقا كبيرا .
في صباح يوم الأثنين من شهر يوليو 2004م كانت طليطلة تعيش يوما مشرقا مع قوافل السياح التي ما انفكت تغزو المدينة بين الحين و الآخر ... شدتني المدينة منذ أن رأيت لوحة الثور الأسباني الواقف بكل شموخ و كبرياء و كأنه يهزأ بشجاعة المتادور.
كانت الحافلة السياحية تتهادى بين مرتفعات المدينة وكأنها هودج أتعبه طول السفر . تملكني الخوف عندما و جدت السائق يبذل جهده للوصول إلى قمة ذلك المرتفع .. كانت مفردات المدينة تصغر شيئا فشيئا ... التقطت أنفاسي عندما أحسست أن الحافلة توقفت تماما و أن الجميع قد ترجل عنها ... الله ما أبدع ذلك المنظر ... كانت طليطلة تبدو في الأسفل ببيوتها العتيقة و كنائسها و معابدها كصفحة من كتاب تاريخ نسيه الزمن .. كان المنظر بديعا للغاية لا أدري كم عدد الصور التي التقطها لنفس المنظر كان الجميع ينظر إلي باستغراب بينما كنت أحاول أن أسجل بكاميرتي كل تلك التفاصيل ... ميجيل سائق الحافلة التقط لي أكثر من خمس صور .
نهر تاجه كان يبدو فرحا منسجما مع نسائم الصباح وهو يلف المدينة من ثلاث جهات مساهما في منعة المدينة و حصانتها .
عندما حانت لحظة الرحيل لم أرغب في مغادرة المدينة لم أرغب بالنزول أصلا ... طاف بي خيال تصورت فيه نفسي مغطى بأوراق الزيتون و أن الجميع يبحث عني و أنهم قد يأسوا من العثور علي و خلفوني وحيدا ... كان خيالا شفافا تمنيت أن أعشيه في الواقع. الوداع يا طليطلة .. الوداع يا اجمل الذكريات.