"الجزء الثاني"
والاخير
2/2
في الحقيقة
كان الغرض الاساسي من زيارة المالديف
هو الغوص
فقد سمعت عن جمال الغوص بالمالديف كثيراً
وليس للشعاب المرجانية
وإنما لتنوع الاسماك والحياة الفطرية وكثرتها
فدولة المالديف
تمنع الصيد في مناطق الغوص
وهذا ما ساهم وبشكل كبير من إثرائها
والحق يقال
أن البحر الاحمر يعد اجمل بقاع الارض للغوص
وأغناها تنوعاً في الشعاب المرجانية
ولكن وللأسف اهلك الغواصون الكثير من ما في طريقهم
فأصبح تنوع الحياة السمكية اقل بكثير مما كانت عليه
والماديف بجميع جزرها
مبنيه فوق سفح مرجاني منبسط غير عميق
وهو ما يكسب مياها اللون الفيروزي
وما تشاهده بالصورة السابقة ليس جزراً
وانما سفح جبل تحت البحر
والجزر مساحات صغيرة جداً برزت فوق سطح البحر
وهذا ماجعل اماكن الغوص في المالديف
لا حدود لها
فالغواص لا يستطيع الغوص اكثر من 36 متر كحد اقصى
والاعماق المسموحة متوفره في كل مكان بهذا الارخبيل
والحقيقة
ان هذه المياه الضحلة هي ما حمت المالديف بعد لطف الله
من التسونامي
عام 2004
فالذين قتلهم الطوفان فقط 108 اشخاص
قارن ذلك بـ 75 الف قتيل في سريلانكا المجاورة
ومع ارتفاع حرارة الارض وذوبان الجليد
والذي يؤدي الى إرتفاع منسوب سطح البحر
فإن المالديف برمتها مهدده بالغمر كلياً تحت البحر
في غضون فقط عشرات من السنين القادمة
وكما ذكرت في الجزء الاول
كانت الوجهة احد الكهوف
وكان هذا الجميل حارساً على بوابته
وبمجرد الدخول لسعني شيء مع يدي
لا اعلم بالحقيقة ما هو
لان الكهف كان مظلماً
ثم خرجنا واخذنا نتجول ونستمتع بما بقي لدينا من وقت
فقد كان الكهف على عمق 20 مترا
وخزان الهواء ينفذ بشكل متسارع
كلما زاد العمق
قرررررررش
والحقيقة ان القرش مسكين
فسمعته رايحه فيها
رغم انه اليف حسب تصنيف الغواصين
ونحن قبل الغوص اخبرونا
أن هذا المكان موطن الكثير من السلاحف
كما اننا قد نشاهد قرشاً ان حالفنا الحظ !
والجميل بالقرش أنه لا يهاجم فريسته فجئة
وإنما يأخذ بالدوران حولها عدة مرات قبل الهجوم
واذا لاحظ الغواص أن قرشاً يفعل ذلك او انه اقترب كثيراً
فيجب عليه ان يستند على الشعاب
وأن لا يتحرك او يتنفس بقوة
وسيذهب القرش ويتركه وشأنه
اما إن اصر ولم يبتعد
فيجب عليه ان ينقل اسطوانة الهواء
من ظهره ويجعلها امامه
حتى يضربه بها ان هاجمه
اما حوادث القروش فهي نادرة جداً
أحد الغواصين من مصر يحكي لي
انه مرة كان يصطاد السمك اثناء الغوص
ويضعها في شبه على جنبه
ثم انه احس بشيء يسحبها
فالتفت واذا بقرش يحاول قضمها
فضربه مع أنفه فهرب القرش وتركه
أما أخطر ما سمعت
فمن صديق هولندي
فقد كان مرة يغوص بصحبة ثلاثة من اصدقائه
وإذا بقرش هائل جداً يقوم بالدوران عليهم
فجعلوا اسطواناتهم امامهم
ولاصقوا اجسادهم ببعض
حتى أصبحوا مجتمعين اكبر حجماً من القرش
فخاف القرش منهم وذهب وتركهم
ثم خرجوا مباشرة الى القارب مذعورين
وقد انقلبت الوانهم الى صفراء من الخوف
وفي كلا الحالتين
لم يهاجم القرش اي غواص
والغوص إجمالاً رياضة جميلة جداً
وليست خطرة
فقط اذا اتبعت التعليمات
وبكل دقة
ومن اهم تعليماتها
ان لا تغوص وحيداً ابداً
وان لا تبتعد عن زملائك اثناء الغوص
وان تراقب مستوى الهواء بالاسطوانة بإستمرار
وان لا ترتفع او تنخفض بسرعة
وان لا تكتم نفسك إطلاقاً
وان تغلق انفك بيدك وتنفخ اذنيك لمعادلة الضغط
كلما نزلت الى عمق اكبر
ويعتقد خطأً لدى الكثيرين ان
خزان الهواء مملوء اوكسجين
وانما بالحقيقة هو هواء عادي مضغوط
أما أخطر ما يواجه الغواصين اثناء الغوص وبعده
هو غاز النيتروجين
فـ 78% من الهواء الذي نستنشقه مكون من النيتروجين
وهذا الغاز لايؤثر إطلاقاً على الإنسان عند إستنشاقه على سطح الارض
ولكن عند الغوص الامر مختلف تماماً
فالنيتروجين مع الضغط تحت الماء
يتحول الى سائل يذوب في الدم
ويتحمل الانسان نسبه معينة منه
اذا زادت يؤدي الى الهلوسة ثم الإغماء والموت
لذلك فإن للغوص حسابات طويلة ومعقدة لحسابات النيتروجين في الدم
يجب ان تتبع بدقه
ويجب ان تتأكد من سلامة زميلك بشكل دوري اثناء الغوص
فاول علامات الهلوسة هي عدم اهتمامه بنفسه وسلامته
وكل هذه التعليمات وأكثر
تحصل عليها خلال التدريب
والذي بعد اجتيازه تحصل على بطاقة غواص
تخولك للغوص في اي مكان بالعالم
وبينما كنا مستمتعين بالغوص
في هذه الحياة الفطرية المتنوعة
واذا بحيوان ضخم جداً يمر فوقنا
ولو تأملت الصورة السابقة
تستطيع ان تقدر حجم الحيوان من حجم الغواص الذي تحته
والمشكلة انك تحت الماء لا تستطيع الكلام والسؤال عنه
وعندما خرجنا نسيت موضوعه تماماً
ولم اذكره إلا عندما رأيت صوره اثناء إعداد هذا التقرير!
ثم اننا غصنا مرة اخرى
والغوصة الثانية لم نأخذ الكمرة
لان الكمرة ضد الماء الى عمق 20 متراَ
والغوصة الثانية تجاوزنا هذا العمق بكثير
وقد كان المرجان فيها اجمل من هذه
اما الاسماك والأحياء الاخرى فأقل بكثير
وكان مما رأينا في الغوصة الثانية
جمجمة إنسان وبجانبه قارورة
كان المرجان قد بنى عليهما كثيراً
وهو ما يدل على قدمهما
ربما كان من قتلى الحرب العالمية الثانية
وبعد الغوص رجعت الى الفندق وتناولت الغداء
ثم ارتحت ساعة
وبعدها خرجت في رحلة لصيد السمك
وادركنا المغيب قبل ان اصيد شيئاً
ولكن عندما حل الظلام
وفقت بسمكة كبيرة كافية لطعام العشاء
اخذتها معي للفندق وطلبتها لتكون على مائدتي
وفي اليوم التالي
غادرت المالديف
والتي عشقتها واستمتعت بكل دقائقها وثوانيها
انتهى
.