أربعة أيام فى مستشفى الشميساني الرائع من ناحية الخدمة والنظافة والتطور مع أنه مستشفى صغير وقديم وللأسف مستشفيات هذه الأيام طغى عليها المظاهر وابتعدوا عن الطب والعلم الحقيقي، أربعة أيام بين أغلى الناس و الكثير من الورود والبالونات والشوكلاته (معشوقتي). كانت هواتف العائلة لاتسكت كان ممكن أتكلم مع تلفونين بنفس الوقت، الكل يريد أن يطمئن والجميع قلق. كانت مديرتي تتصل فى اليوم ثلاث مرات على الأقل.
سألتني احدى القريبات باستهجان: هل علم كل هؤلاء الناس عن حقيقة مرضك؟ أجبتها باستغراب شديد، نعم ولم لايعلمون؟ هل حقيقة مرضي فيها عيب أو حرام؟ هل أنا حامل لفيروس الايدز مثلا؟ وحتى مرضى الايدز فى منهم لاحول لهم ولا قوة فقد نقل لهم دم ملوث أو تمت عدواهم من الزوج أو الزوجة؟ سيدتي هذا ابتلاء من رب العالمين و اللي من الله حياه الله، نظرت ليه مستغربة وكأنني جئت من المريخ :4f7c50bc2e7eee3c450
مرض السرطان مرض قد يصيب أي منا (لاقدر الله) قد يصيب أعز الناس علينا و لايوجد ما يمنع وجوده، مع وجود الطرق المختلفة لتقليل نسبة الاصابة به.
البشارة الأولى
بشرني الطبيب وقال بعد الفحص الأولي للثدي تبين أن ما أصبت به هو نوعين متحوصلين Ductal Carcinoma In situ و Lobular Carcinoma In situ وغير وراثي. ماذا يعني هذا الكلام يعني أن ما لدي هو نوعين مختلفين من سرطان الثدي ولكن من لطف الله بي أنهم لم يتحركوا من أماكنهم أي غير منتشرين وأنه غير وراثي أي أن ذريتي لن يصابوا به بإذن الله.
الفضل والمنه لله وحده لاشريك له
أخبرت مديرتي بذلك وكالعادة اتصلت على الأطباء فى استراليا وعادت لي طايرة من الفرح قائلة:
"أنا كلمت الدكتور هناك وعلى فكرة هو مش مسلم اصلا وتتخيلي ألي إيه، ألي أنا متأكد أنه الست دي عملت حاجة كويسة أوي فى حياتها وعلشان كدة ربنا كرمها باكتشاف المرض بالمرحلة دي، لأنه أشبه بالمستحيل اكتشافه كده وفى المرحلة دي لأنه الورم الخبيث كان متخبي خلف الالتهاب اللي صار معي"
جلست ثلاث أسابيع فى عمان ولا أبالغ ان قلت لكم أن منزل أهلي لم يكن يخلو من الضيوف (صاحب السوبرماركت هيص كل شوي هات عصير وودي عصير)

البشارة الثانية
الغريب انه اجاني ناس كتير أنا ما بعرفهم مثلا بنت حماها لصاحبتي، زميلات اختي بالشغل، جيران أخوات زوجي او صديقاتهم .....الخ ومن أحلى اللقاءات كان لقاء زميلات أختي بالعمل.
سألتني احداهن عن الكثير من الأشياء وعندما قلت لها أنني لسه راجعة من أداء فريضة الحج فزت وقالت هذه رفع مرتبة وشأن فمن ابتلي بعد طاعة فانما أراد الله رفع مرتبته. طبعا لاتتخيلوا حجم فرحتي وقمت أصفق وأصرخ مو مصدقة. 
كم أنت رائع ياربي حتى فى الابتلاء كنت ومازلت رحيما بي وبجميع عبادك
حضرت عبير (رحمها الله) لزيارتي واذا بها تحضر لي مفاجأة رائعة، جاءت ابنتها معها وهي صديقة لابنتي، تتخيلوا ماذا حصل .... لم أتحمل رؤيتها فقد تخيلت ابنتي تدخل علي فقد كنت مشتاقة جدا لأبنائي ولم تكن المكالمات الهاتفية تطفىء نار الشوق بداخلي، وأصابني حالة من البكاء اللا محدود
، تركتهم لأختلي بنفسي بعض الشىء، وكان أخي بالداخل فاذا به يقول لي: أرجوك ابقي كما أنت قوية ... فنحن نستمد قوتنا منك ... فان ضعفت أنت انهارت كل العائلة
نزلت كلماته علي كالماء البارد أطفىء بعض ما بي وهزني لدرجة أنني خفت على أهلي جدا فأنا أكبر اخوتي وصديقة أمي وأبي. كانت تلك ثاني مرة أبكي بها. عدت لصديقتي وباقي الضيوف وجلست معهم وضحكت وكأنه لم يحدث شىء.
البشارة الثالثة
بعد عدة أيام اتصل بي الطبيب وقال أن جميع نتائج الفحوصات ظهرت ويجب أن أقابل دكتورة سناء السخن (طبيبة أمراض الدم Oncologist) لتحدد لي ما سأحتاجه من علاج كيميائي و/أو علاج إشعاعي.
بعد أن أقفلت سماعة الهاتف نظرت الى المرآه وقررت قرارا صعبا، قررت أن أقص شعري، شعري الذى يتوج جمالي كإمرأة سيسقط حتما بعد العلاج فيجب أن أهيئ نفسي تدريجيا حتى لا أصدم بنفسي ورأسي يخلو من الشعر، وبالفعل هذا ما حدث.
فى اليوم التالي ذهبت لمقابلة طبيبة أمراض الدم، وبعد أن قرات الفحوصات والأشعات قالت:
عزيزتي سأعطيك دواء حبوب لمدة خمس سنوات ويجب عليك الالتزام بها، وسأعطيك ابر تاخديها كل ثلاثة اشهر لقطع الدورة الشهرية لمدة سنتين لأنه هرمون الاستروجين يساعد على انتشار المرض.
وبس
فقلت اوكي كم جلسة رح آخد كيماوي و متى سأبدأ
قالت
ولا واحده، نعم ولا واحدة لأن حالتك تعتبر حالة من الدرجة صفر ولا تحتاجين الى علاج كيميائي ولا علاج اشعاعي
صرخت من الفرحة ومسكت يديها وقلت لها احلفي احلفي وقبلت اختي التى كانت ترافقني فى كل مراحل مرضي 

:36 _3_16: وسجدت سجدة شكر لله، سجدة مليئة بدموع الفرحة سجدة مليئة بالشكر والامتنان لرب العالمين
الحمد لله انه ربنا هو ربنا
وكانت تلك المرة الثالثة التى أبكي بها
راجعة عن قريب انتظروني